شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤٣٧
130 - كذاك أدبت حتى صار من خلقي أني وجدت ملاك الشيمة الأدب التقدير: " أني وجدت لملاك الشيمة الأدب " فهو من باب التعليق، وليس من باب الالغاء في شئ.
.
130 - هذا البيت مما اختاره أبو تمام في حماسته، ونسبه إلى بعض الفزاريين ولم يعينه (وانظر شرح التبريزي على الحماسة 3 / 147 بتحقيقنا).
اللغة: " كذاك أدبت " الكاف في مثل هذا التعبير اسم بمعنى مثل صفة لمصدر محذوف، واسم الإشارة يراد به مصدر الفعل المذكور بعده، وتقدير الكلام: تأديبا مثل ذلك التأديب، وذلك التأديب هو الذي ذكره في البيت السابق عليه، وهو قوله:
أكنيه حين أناديه لأكرمه * ولا ألقبه، والسوأة اللقب " ملاك " بزنة كتاب - قوام الشئ وما يجمعه " الشيمة " الخلق، وجمعها شيم كقيمة وقيم.
الاعراب: " كذاك " الكاف اسم بمعنى مثل نعت لمحذوف، واسم الإشارة مضاف إليه، أو الكاف جارة لمحل اسم الإشارة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف يقع نعتا لمصدر محذوف يقع مفعولا مطلقا لأدبت، والتقدير على كل حال: تأديبا مثل هذا التأديب أدبت " أدبت " أدب: فعل ماض مبني للمجهول، والتاء ضمير المتكلم نائب فاعل " حتى " ابتدائية " صار " فعل ماض ناقص " من خلقي " الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر صار مقدم، وخلق مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " أني " أن: حرف توكيد ونصب، والياء اسمها " وجدت " فعل وفاعل، والجملة من وجد وفاعله في محل رفع خبر أن، وأن ومعمولاها في تأويل مصدر اسم صار " ملاك " مبتدأ، وملاك مضاف و " الشيمة " مضاف إليه " الأدب " خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب سدت مسد مفعولي وجد، على تقدير لام ابتداء علقت هذا الفعل عن العمل في لفظ جزأي هذه الجملة، والأصل: وجدت لملاك الشيمة الأدب، أو الجملة في محل نصب مفعول ثان لوجد، ومفعوله الأول ضمير شأن محذوف، وأصل الكلام: وجدته (أي الحال والشأن) ملاك الشيمة الأدب.
الشاهد فيه: قوله " وجدت ملاك الشيمة الأدب " فإن ظاهره أنه ألغى " وجدت " مع تقدمه، لأنه لو أعمله لقال " وجدت ملاك الشيمة الأدبا " بنصب " ملاك " و " الأدب " على أنهما مفعولان، ولكنه رفعهما، فقال الكوفيون: هو من باب الالغاء والالغاء جائز مع التقدم مثل جوازه مع التوسط والتأخر، وقال البصريون: ليس كذلك، بل هو إما من باب التعليق، ولام الابتداء مقدرة الدخول على " ملاك " وإما من باب الأعمال، والمفعول الأول ضمير شأن محذوف، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب مفعول ثان، على ما بيناه في إعراب البيت، والمنصف الذي يعرف مواطن الحق يدرك ما في هذين التأويلين من التكلف.