شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤٨٢
إذا أسند الفعل إلى جمع: فإما أن يكون جمع سلامة لمذكر، أولا، فإن كان جمع سلامة لمذكر لم يجز اقتران الفعل بالتاء، فتقول: " قام الزيدون "، ولا يجوز " قامت الزيدون " (1)، وإن لم يكن جمع سلامة لمذكر - بأن كان .
* * * * * * * * * * * * * * * * *
(2) الأشياء التي تدل على معنى الجمع ستة أشياء، الأول: اسم الجمع نحو قوم ورهط ونسوة، والثاني: اسم الجنس الجمعي نحو روم وزنج وكلم، والثالث: جمع التكسير لمذكر نحو رجال وزيود، والرابع: جمع التكسير لمؤنث نحو هنود وضوارب، والخامس: جمع المذكر السالم نحو الزيدين والمؤمنين والبنين، والسادس: جمع المؤنث السالم نحو الهندات والمؤمنات والبنات، وللعلماء في الفعل المسند إلى هذه الأشياء ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: مذهب جمهور الكوفيين، وهو أنه يجوز في كل فعل أسند إلى شئ من هذه الأشياء الستة أن يؤتى به مؤنثا وأن يؤتى به مذكرا، والسر في هذا أن كل واحد من الأشياء الستة يجوز أن يؤول بالجمع فيكون مذكر المعنى، فيؤتى بفعله خاليا من علامة التأنيث، وأن يؤول بالجماعة فيكون مؤنث المعنى، فيؤتى بفعله مقترنا بعلامة التأنيث، فنقول على هذا: جاء القوم، وجاءت القوم، وفي الكتاب العزيز (وقال نسوة في المدينة) وتقول: زحف الروم، وزحفت الروم، وفي الكتاب الكريم: (غلبت الروم) وتقول: جاء الرجال، وجاءت الرجال، وتقول: جاء الهنود، وجاءت الهنود، وتقول جاء الزينبات، وجاءت الزينبات، وفي التنزيل:
(إذا جاءك المؤمنات) وقال عبدة بن الطييب من قصيدة له:
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي * والظاعنون إلي، ثم تصدعوا وتقول: جاء الزيدون، وجاءت الزيدون، وفي التنزيل: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) وقال قريط بن أنيف أحد شعراء الحماسة:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي * بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا والمذهب الثاني: مذهب أبي علي الفارسي، وخلاصته أنه يجوز الوجهان في جميع هذه الأنواع، إلا نوعا واحدا، وهو جمع المذكر السالم، فإنه لا يجوز في الفعل الذي يسند إليه إلا التذكير، وأنت لو تأملت في كلام الناظم لوجدته بحسب ظاهره مطابقا لهذا المذهب، لأنه لم يستثن إلا السالم من جمع المذكر.
والمذهب الثالث: مذهب جمهور البصريين، وخلاصته أنه يجوز الوجهان في أربعة أنواع، وهي: اسم الجمع، واسم الجنس الجمعي، وجمع التكسير لمذكر، وجمع التكسير لمؤنث، وأما جمع المذكر السالم فلا يجوز في فعله إلا التذكير، وأما جمع المؤنث السالم فلا يجوز في فعله إلا التأنيث، وقد حاول جماعة من الشراح كالأشموني أن يحملوا كلام الناظم عليه، فزعموا أن الكلام على نية حذف الواو والمعطوف بها، وأن أصل الكلام " سوى السالم من جمع مذكر ومن جمع مؤنث " ولكن شارحنا رحمه الله لم يتكلف هذا التكلف، لأنه رأى أن لظاهر الكلام محملا حسنا، وهو أن يوافق مذهب أبي علي الفارسي، فاحفظ هذا التحقيق واحرص عليه، فإنه نفيس دقيق قلما تعثر عليه مشروحا مستدلا له في يسر وسهولة.