شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤٢٣
ومثال " زعم " قوله:
123 - فإن تزعميني كنت أجهل فيكم فإني شريت الحلم بعدك بالجهل
123 - هذا البيت لأبي ذؤيب الهذلي اللغة: " أجهل " الجهل هو الخفة والسفه " الحلم " التؤدة والرزانة.
المعنى: لئن كان يترجح لديك أنى كنت موصوفا بالنزق والطيش أيام كنت أقيم بينكم، فإنه قد تغير عندي كل وصف من هذه الأوصاف، وتبدلت بها رزانة وخلقا كريما.
الاعراب: " إن " شرطية " تزعميني " فعل مضارع فعل الشرط، مجزوم بحذف النون، وياء المخاطبة فاعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول أول " كنت " كان:
فعل ماض ناقص، والتاء اسمه " أجهل " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة من أجهل وفاعله في محل نصب خبر كان، والجملة من " كان " واسمها وخبرها في محل نصب مفعول ثان لتزعم " فيكم " جار ومجرور متعلق بأجهل " فإني " الفاء واقعة في جواب الشرط، إن: حرف توكيد ونصب، والياء اسمها " شريت " فعل وفاعل، والجملة من شرى وفاعله في محل رفع خبر " إن " والجملة من إن ومعموليها في محل جزم جواب الشرط " الحلم " مفعول به لشريت " بعدك " بعد:
ظرف متعلق بشريت، وبعد مضاف والكاف ضمير المخاطبة مضاف إليه " بالجهل " جار ومجرور متعلق بشريت.
الشاهد فيه: قوله " تزعميني كنت أجهل " حيث استعمل المضارع من " زعم " بمعنى فعل الرجحان، ونصب به مفعولين، أحدهما ياء المتكلم، والثاني جملة " كان " ومعموليها، على ما ذكرناه في إعراب البيت.
واعلم أن الأكثر في " زعم " أن تتعدى إلى معموليها بواسطة " أن " المؤكدة، سواء أكانت مخففة من الثقيلة نحو قوله تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا)، وقوله سبحانه: (بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا) أم كانت مشددة كما في قول عبيد الله بن عتبة:
فذق هجرها، قد كنت تزعم أنه * رشاد، ألا يا ربما كذب الزعم وكما في قول كثير عزة:
وقد زعمت أني تغيرت بعدها * ومن ذا الذي يا عز لا يتغير؟
وهذا الاستعمال مع كثرته ليس لازما، بل قد تتعدى " زعم " إلى المفعولين بغير توسط " أن " بينهما، فمن ذلك بيت الشاهد الذي نحن بصدده، ومنه قول أبي أمية الحنفي، واسمه أوس:
زعمتني شيخا، ولست * بشيخ إنما الشيخ من يدب دبيبا وزعم الأزهري أي " زعم " لا تتعدى إلى مفعوليها بغير توسط " أن " وعنده أن ما ورد مما يخالف ذلك ضرورة من ضرورات الشعر لا يقاس عليها، وهو محجوج بما روينا من الشواهد، وبأن القول بالضرورة خلاف الأصل.