شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٤٣٠
و " رد " كقوله:
128 - رمى الحدثان نسوة آل حرب * بمقدار سمدن له سمودا فرد شعورهن السود بيضا * ورد وجوههن البيض سودا * * *
128 - البيتان لعبد الله بن الزبير بفتح الزاي وكسر الباء الأسدي، وهما مطلع كلمة له اختارها أبو تمام في ديوان الحماسة، وقد رواها أبو علي القالي في ذيل أماليه (ص 151) ولكنه نسبها إلى الكميت بن معروف الأسدي، وروى ابن قتيبة في عيون الاخبار (2 / 676) البيتين اللذين استشهد بهما الشارح ونسبهما إلى فضالة ابن شريك، والمعروف المشهور هو ما ذكره أبو تمام (انظر التبريزي 2 / 494) وبعد البيتين قوله:
فإنك لو رأيت بكاء هند * ورملة إذ تصكان الخدودا سمعت بكاء باكية وباك * أبان الدهر واحدها الفقيدا اللغة: " الحدثان " جعله العيني عبارة عن الليل والنهار، وكأنه حسبه مثنى، وإنما الحدثان - بكسر فسكون - نوازل الدهر وحوادثه " سمدن " من باب قعد - أي حزن وأقمن متحيرات، وتوهمه العيني مبنيا للمجهول " فرد وجوههن إلخ " يريد أنه قد صير شعورهن بيضا من شدة الحزن ووجوههن سودا من شدة اللطم، ويشبه هذا ما روى أن العريان بن الهيثم دخل على عبد الملك بن مروان، فسأله عن حاله، فقال:
ابيض مني ما كنت أحب أن يسود، واسود مني ما كنت أحب أن يبيض. يريد ابيض شعره وكبرت سنه وذهبت نضارة وجهه ورونق شبابه، فصار أسود كابيا.
الاعراب: " رمى " فعل ماض " الحدثان " فاعل رمى " نسوة " مفعول به لرمي، ونسوة مضاف و " آل " مضاف إليه، وآل مضاف، و " حرب " مضاف إليه " بمقدار " جار ومجرور متعلق برمي " سمدن " فعل وفاعل " له " جار ومجرور متعلق بسمد " سمودا " مفعول مطلق مؤكد لعامله " فرد " الفاء عاطفة، رد: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الحدثان " شعورهن " شعور: مفعول به أول لرد، وشعور مضاف وضمير النسوة مضاف إليه " السود " صفة لشعور " بيضا " مفعول ثان لرد، ورد وجوههن البيض سودا " مثل الجملة السابقة.
الشاهد فيه: قوله " فرد شعورهم إلخ "، وقوله " ورد وجوههن إلخ " حيث استعمل " رد " في معنى التصيير والتحويل، ونصب به في كل واحد من الموضعين مفعولين.