لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٦٠
ما لا يبصره فربما وقع في بئر. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: خباط عشوات أي يخبط في الظلام والأمر الملتبس فيتحير.
وفي الحديث: يا معشر العرب احمدوا الله الذي رفع عنكم العشوة، يريد ظلمة الكفر كلما ركب الإنسان أمرا بجهل لا يبصر وجهه، فهو عشوة من عشوة الليل، وهو ظلمة أوله.
يقال: مضى من الليل عشوة، بالفتح، وهو ما بين أوله إلى ربعه.
وفي الحديث: حتى ذهب عشوة من الليل. ويقال: أخذت عليهم بالعشوة أي بالسواد من الليل. والعشوة، بالضم والفتح والكسر:
الأمر الملتبس. وركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة. وعشوة الليل والسحر وعشواؤه: ظلمته. وفي حديث ابن الأكوع: فأخذ عليهم بالعشوة أي بالسواد من الليل، ويجمع على عشوات. وفي الحديث: أنه، عليه السلام، كان في سفر فاعتشى في أول الليل أي سار وقت العشاء كما يقال استحر وابتكر.
والعشاء: أول الظلام من الليل، وقيل: هو من صلاة المغرب إلى العتمة. والعشاءان: المغرب والعتمة، قال الأزهري: يقال لصلاتي المغرب والعشاء العشاءان، والأصل العشاء فغلب على المغرب، كما قالوا الأبوان وهما الأب والأم، ومثله كثير.
وقال ابن شميل: العشاء حين يصلي الناس العتمة، وأنشد:
ومحول ملث العشاء دعوته، والليل منتشر السقيط بهيم (* قوله ومحول هكذا في الأصل.) قال الأزهري: صلاة العشاء هي التي بعد صلاة المغرب، ووقتها حين يغيب الشفق، وهو قوله تعالى: ومن بعد صلاة العشاء.
وأما العشي فقال أبو الهيثم: إذا زالت الشمس دعي ذلك الوقت العشي، فتحول الظل شرقيا وتحولت الشمس غربية، قال الأزهري: وصلاتا العشي هما الظهر والعصر. وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: صلى بنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إحدى صلاتي العشي، وأكبر ظني أنها العصر، وساقه ابن الأثير فقال: صلى بنا إحدى صلاتي العشي فسلم من اثنتين، يريد صلاة الظهر أو العصر، وقال الأزهري: يقع العشي على ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها، كل ذلك عشي، فإذا غابت الشمس فهو العشاء، وقيل: العشي من زوال الشمس إلى الصباح، ويقال لما بين المغرب والعتمة: عشاء، وزعم قوم أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، وأنشدوا في ذلك:
غدونا غدوة سحرا بليل عشاء، بعدما انتصف النهار وجاء عشوة أي عشاء، لا يتمكن، لا تقول مضت عشوة.
والعشي والعشية: آخر النهار، يقال: جئته عشية وعشية، حكى الأخيرة سيبويه. وأتيته العشية: ليومك، وآتيه عشي غد، بغير هاء، إذا كان للمستقبل، وأتيتك عشيا غير مضاف، وآتيه بالعشي والغد أي كل عشية وغداة، وإني لآتيه بالعشايا والغدايا. وقال الليث: العشي، بغير هاء، آخر النهار، فإذا قلت عشية فهو ليوم واحد، يقال: لقيته عشية يوم كذا وكذا، ولقيته عشية من العشيات، وقال الفراء في قوله تعالى: لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها، يقول القائل: وهل للعشية ضحى؟ قال: وهذا جيد من
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست