لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٦١
كلام العرب، يقال: آتيك العشية أو غداتها، وآتيك الغداة أو عشيتها، فالمعنى لم يلبثوا إلا عشية أو ضحى العشية، فأضاف الضحى إلى العشية، وأما ما أنشده ابن الأعرابي:
ألا ليت حظي من زيارة أمية غديات قيظ، أو عشيات أشتيه فإنه قال: الغدوات في القيظ أطول وأطيب، والعشيات في الشتاء أطول وأطيب، وقال: غدية وغديات مثل عشية وعشيات، وقيل: العشي والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة، وتقول: أتيته عشي أمس وعشية أمس. وقوله تعالى: ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا، وليس هناك بكرة ولا عشي وإنما أراد لهم رزقهم في مقدار، بين الغداة والعشي، وقد جاء في التفسير: أن معناه ولهم رزقهم كل ساعة، وتصغير العشي عشيشيان، على غير القياس، وذلك عند شفى وهو آخر ساعة من النهار، وقيل: تصغير العشي عشيان، على غير قياس مكبره، كأنهم صغروا عشيانا، والجمع عشيانات. ولقيته عشيشية وعشيشيات وعشيشيانات وعشيانات، كل ذلك نادر، ولقيته مغيربان الشمس ومغيربانات الشمس. وفي حديث جندب الجهني: فأتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية، قال: هي تصغير عشية على غير قياس، أبدل من الياء الوسطى شين كأن أصله عشيية. وحكي عن ثعلب: أتيته عشيشة وعشيشيانا وعشيانا، قال: ويجوز في تصغير عشية عشية وعشيشية. قال الأزهري:
كلام العرب في تصغير عشية عشيشية، جاء نادرا على غير قياس، ولم أسمع عشية في تصغير عشية، وذلك أن عشية تصغير العشوة، وهو أول ظلمة الليل، فأرادوا أن يفرقوا بين تصغير العشية وبين تصغير العشوة، وأما ما أنشده ابن الأعرابي من قوله: هيفاء عجزاء خريد بالعشي، تضحك عن ذي أشر عذب نقي فإنه أراد بالليل، فإما أن يكون سمى الليل عشيا لمكان العشاء الذي هو الظلمة، وإما أن يكون وضع العشي موضع الليل لقربه منه من حيث كان العشي آخر النهار، وآخر النهار متصل بأول الليل، وإنما أراد الشاعر أن يبالغ بتخردها واستحيائها لأن الليل قد يعدم فيه الرقباء والجلساء، وأكثر من يستحيا منه، يقول: فإذا كان ذلك مع عدم هؤلاء فما ظنك بتخردها نهارا إذا حضروا؟ وقد يجوز أن يعنى به استحياؤها عند المباعلة لأن المباعلة أكثر ما تكون ليلا. والعشي:
طعام العشى والعشاء، قلبت فيه الواو ياء لقرب الكسرة. والعشاء:
كالعشي، وجمعه أعشية. وعشي الرجل يعشى وعشا وتعشى، كله: أكل العشاء فهو عاش. وعشيت الرجل إذا أطعمته العشاء، وهو الطعام الذي يؤكل بعد العشاء. ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم إذا حضر العشاء والعشاء فابدؤوا بالعشاء، العشاء، بالفتح والمد: الطعام الذي يؤكل عند العشاء، وهو خلاف الغداء وأزاد بالعشاء صلاة المغرب، وإنما قدم العشاء لئلا يشتغل قلبه به في الصلاة، وإنما قيل انها المغرب لأنها وقت الإفطار ولضيق وقتها.
قال ابن بري: وفي المثل سقط العشاء به على سرحان، يضرب للرجل يطلب الأمر التافه
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست