لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ١٣٦
الله تعالى فيه غيره. ومن أسمائه المغني، سبحانه وتعالى، وهو الذي يغني من يشاء من عباده. ابن سيده: الغنى، مقصور، ضد الفقر، فإذا فتح مد، فأما قوله:
سيغنيني الذي أغناك عني، فلا فقر يدوم ولا غناء فإنه: يروى بالفتح والكسر، فمن رواه بالكسر أراد مصدر غانيت، ومن رواه بالفتح أراد الغنى نفسه، قال أبو اسحق: إنما وجهه ولا غناء لأن الغناء غير خارج عن معنى الغنى، قال: وكذلك أنشده من يوثق بعلمه. وفي الحديث: خير الصدقة ما أبقت غنى، وفي رواية:
ما كان عن ظهر غنى أي ما فضل عن قوت العيال وكفايتهم، فإذا أعطيتها غيرك أبقيت بعدها لك ولهم غنى، وكانت عن استغناء منك، ومنهم عنها، وقيل: خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيته عن المسألة، قال: ظاهر هذا الكلام أنه ما أغنى عن المسألة في وقته أو يومه، وأما أخذه على الإطلاق ففيه مشقة للعجز عن ذلك. وفي حديث الخيل: رجل ربطها تغنيا وتعففا أي استغناء بها عن الطلب من الناس.
وفي حديث الجمعة: من استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه، والله غني حميد، أي اطرحه الله ورمى به من عينه فعل من استغنى عن الشئ فلم يلتفت إليه، وقيل: جزاه جزاء استغنائه عنها كقوله تعالى: نسوا الله فنسيهم. وقد غني به عنه غنية وأغناه الله. وقد غني غنى واستغنى واغتنى وتغانى وتغنى فهو غني. وفي الحديث: ليس منا من لم يتغن بالقرآن، قال أبو عبيد: كان سفيان بن عيينة يقول ليس منا من لم يستغن بالقرآن عن غيره ولم يذهب به إلى الصوت، قال أبو عبيد: وهذا جائز فاش في كلام العرب، ويقول: تغنيت تغنيا بمعنى استغنيت وتغانيت تغانيا أيضا، قال الأعشى:
وكنت امرأ زمنا بالعراق، عفيف المناخ طويل التغن يريد الاستغناء، وقيل: أراد من لم يجهر بالقراءة. قال الأزهري: وأما الحديث الآخر ما أذن الله لشئ كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به، قال: فإن عبد الملك أخبرني عن الربيع عن الشافعي أنه قال معناه تحسين القراءة وترقيقها، قال: ومما يحقق ذلك الحديث الآخر زينوا القرآن بأصواتكم، قال: ونحو ذلك قال أبو عبيد، وقال أبو العباس: الذي حصلناه من حفاظ اللغة في قوله، صلى الله عليه وسلم: كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن، أنه على معنيين: على الاستغناء، وعلى التطريب، قال الأزهري: فمن ذهب به إلى الاستغناء فهو من الغنى، مقصور، ومن ذهب به إلى التطريب فهو من الغناء الصوت، ممدود. الأصمعي في المقصور والممدود: الغنى من المال مقصور، ومن السماع ممدود، وكل من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غناء. والغناء، بالفتح: النفع. والغناء، بالكسر:
من السماع. والغنى، مقصور: اليسار. قال ابن الأعرابي: كانت العرب تتغنى بالركباني، (* قوله الركباني في هامش نسخة من النهاية:
هو نشيد بالمد والتمطيط يعني ليس منا من لم يضع القرآن موضع الركباني في اللهج به والطرب عليه.) إذا ركبت الإبل، وإذا جلست في الأفنية وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحب النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يكون هجيراهم بالقرآن
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست