لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ١٣٧
مكان التغني بالركباني، وأول من قرأ بالألحان عبيد الله بن أبي بكرة، فورثه عنه عبيد الله بن عمر، ولذلك يقال قرأت العمري، وأخذ ذلك عنه سعيد العلاف الإباضي. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث أي تنشدان الأشعار التي قيلت يوم بعاث، وهو حرب كانت بين الأنصار، ولم ترد الغناء المعروف بين أهل اللهو واللعب، وقد رخص عمر، رضي الله عنه، في غناء الأعراب وهو صوت كالحداء.
واستغنى الله: سأله أن يغنيه، عن الهجري، قال: وفي الدعاء اللهم إني أستغنيك عن كل حازم، وأستعينك على كل ظالم. وأغناه الله وغناه، وقيل: غناه في الدعاء وأغناه في الخبر، والاسم من الاستغناء عن الشئ الغنية والغنوة والغنية والغنيان.
وتغانوا أي استغنى بعضهم عن بعض، قال المغيرة ابن حبناء التميمي. كلانا غني عن أخيه حياته، ونحن إذا متنا أشد تغانيا واستغنى الرجل: أصاب غنى. أبو عبيد: أغنى الله الرجل حتى غني غنى أي صار له مال، وأقناه الله حتى قني قنى وهو أن يصير له قنية من المال. قال الله عز وجل: وأنه هو أغنى وأقنى.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أن غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأغنياء، فأتى أهله النبي، صلى الله عليه وسلم، فلم يجعل عليه شيئا. قال ابن الأثير: قال الخطابي كان الغلام الجاني حرا وكانت جنايته خطأ وكانت عاقلته فقراء فلا شئ عليهم لفقرهم. قال: ويشبه أن يكون الغلام المجني عليه حرا أيضا، لأنه لو كان عبدا لم يكن لاعتذار أهل الجاني بالفقر معنى، لأن العاقلة لا تحمل عبدا كما لا تحمل عمدا ولا اعترافا، فأما المملوك إذا جنى على عبد أو حر فجنايته في رقبته، وللفقهاء في استيفائها منه خلاف، وقول أبي المثلم:
لعمرك والمنايا غاليات، * وما تغني التميمات الحماما (* قوله غاليات هو هكذا في المحكم بالمثناة.) أراد من الحمام، فحذف وعدى. قال ابن سيده: فأما ما أثر من أنه قيل لابنة الخس ما مائة من الضأن فقالت غني، فروي أن بعضهم قال: الغنى اسم المائة من الغنم، قال: وهذا غير معروف في موضوع اللغة، وإنما أرادت أن ذلك العدد غنى لمالكه كما قيل لها عند ذلك وما مائة من الإبل فقالت منى، فقيل لها: وما مائة من الخيل؟ فقالت: لا ترى، فمنى ولا ترى ليسا باسمين للمائة من الإبل والمائة من الخيل، وكتسمية أبي النجم في بعض شعره الحرباء بالشقي، وليس الشقي باسم للحرباء، وإنما سماه به لمكابدته للشمس واستقباله لها، وهذا النحو كثير. والغني والغاني: ذو الوفر، أنشد ابن الأعرابي لعقيل بن علفة قال:
أرى المال يغشى ذا الوصوم فلا ترى، ويدعى من الأشراف من كان غانيا وقال طرفة:
وإن كنت عنها غانيا فاغن وازدد ورجل غان عن كذا أي مستغن، وقد غني عنه. وما لك عنه غنى ولا غنية ولا غنيان ولا مغنى أي ما لك عنه بد. ويقال: ما يغني عنك هذا أي
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست