لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٥٣
حدث عطاء بحديث فقيل له: إلى من تعزيه؟ أي إلى من تسنده، وفي رواية: فقلت له أتعزيه إلى أحد؟ وفي الحديث: من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا، قوله تعزى أي انتسب وانتمى.
يقال: عزيت الشئ وعزوته أعزيه وأعزوه إذا أسندته إلى أحد، ومعنى قوله ولا تكنوا أي قولوا له اعضض بأير أبيك، ولا تكنوا عن الأير بالهن.
والعزاء والعزوة: اسم لدعوى المستغيث، وهو أن يقول: يا لفلان، أو يا للأنصار، أو يا للمهاجرين قال الراعي:
فلما التقت فرساننا ورجالهم، دعوا: يا لكعب واعتزينا لعامر وقول بشر بن أبي خازم:
نعلو القوانس بالسيوف ونعتزي، والخيل مشعرة النحور من الدم وفي الحديث: من لم يتعز بعزاء الله فليس منا أي من لم يدع بدعوى الإسلام فيقول: يا لله أو يا للإسلام أو يا للمسلمين وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أنه قال: يا لله للمسلمين قال الأزهري: له وجهان: أحدهما أن لا يتعزى بعزاء الجاهلية ودعوى القبائل، ولكن يقول يا للمسلمين فتكون دعوة المسلمين واحدة غير منهي عنها، والوجه الثاني أن معنى التعزي في هذا الحديث التأسي والصبر، فإذا أصاب المسلم مصيبة تفجعه قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، كما أمره الله، ومعنى قوله بعزاء الله أي بتعزية الله إياه، فأقام الاسم مقام المصدر الحقيقي، وهو التعزية، من عزيت كما يقال أعطيته عطاء ومعناه أعطيته إعطاء. وفي الحديث: سيكون للعرب دعوى قبائل، فإذا كان كذلك، فالسيف السيف حتى يقولوا يا للمسلمين وقال الليث: الاعتزاء الاتصال في الدعوى إذا كانت حرب فكل من ادعى في شعاره أنا فلان ابن فلان أو فلان الفلاني فقد اعتزى إليه.
والعزة: عصبة من الناس، والجمع عزون. الأصمعي: يقال في الدار عزون أي أصناف من الناس. والعزة: الجماعة والفرقة من الناس، والهاء عوض من الياء، والجمع عزى على فعل وعزون، وعزون أيضا بالضم، ولم يقولوا عزات كما قالوا ثبات، وأنشد ابن بري للكميت: ونحن، وجندل باغ، تركنا كتائب جندل شتى عزينا وقوله تعالى: عن اليمين وعن الشمال عزين، معنى عزين حلقا حلقا وجماعة جماعة، وعزون: جمع عزة فكانوا عن يمينه وعن شماله جماعات في تفرقة. وقال الليث: العزة عصبة من الناس فوق الحلقة ونقصانها واو. وفي الحديث: ما لي أراكم عزين؟
قالوا: هي الحلقة المجتمعة من الناس كأن كل جماعة اعتزاؤها أي انتسابها واحد، وأصلها عزوة، فحذفت الواو وجمعت جمع السلامة على غير قياس كثبين وبرين في جمع ثبة وبرة.
وعزة، مثل عضة: أصلها عضوة، وسنذكرها في موضعها. قال ابن بري:
ويأتي عزين بمعنى متفرقين ولا يلزم أن يكون من صفة الناس بمنزلة ثبين، قال: وشاهده ما أنشده الجوهري:
فلما أن أتين على أضاخ، ضرحن حصاه أشتاتا عزينا
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست