لسان العرب - ابن منظور - ج ١٥ - الصفحة ٤٢
ترعى الخلة والتي ترعى الحمض، وهما مختلفا الطعمين لأن الخلة ما حلا من المرعى، والحمض منه ما كانت فيه ملوحة، والأوارك التي ترعى الأراك وليس بحمض ولا خلة، إنما هو شجر عظام.
وحكى الأزهري عن ابن السكيت: وإبل عادية ترعى الخلة ولا ترعى الحمض، وإبل آركة وأوارك مقيمة في الحمض، وأنشد بيت كثير أيضا وقال: وكذلك العاديات، وقال:
رأى صاحبي في العاديات نجيبة، وأمثالها في الواضعات القوامس قال: وروى الربيع عن الشافعي في باب السلم ألبان إبل عواد وأوارك، قال: والفرق بينهما ما ذكر. وفي حديث أبي ذر: فقربوها إلى الغابة تصيب من أثلها وتعدو في الشجر، يعني الإبل أي ترعى العدوة، وهي الخلة ضرب من المرعى محبوب إلى الإبل.
قال الجوهري: والعادية من الإبل المقيمة في العضاه لا تفارقها وليست ترعى الحمض، وأما الذي في حديث قس: فإذا شجرة عادية أي قديمة كأنها نسبت إلى عاد، وهم قوم هود النبي، صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، وكل قديم ينسبونه إلى عاد وإن لم يدركهم. وفي كتاب علي إلى معاوية: لم يمنعنا قديم عزنا وعادي طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا.
وتعدى القوم: وجدوا لبنا يشربونه فأغناهم عن اشتراء اللحم، وتعدوا أيضا: وجدوا مراعي لمواشيهم فأغناهم ذلك عن اشتراء العلف لها، وقول سلامة بن جندل:
يكون محبسها أدنى لمرتعها، ولو تعادى ببكء كل محلوب معناه لو ذهبت ألبانها كلها، وقول الكميت:
يرمي بعينيه عدوة الأمد أبعد، هل في مطافه ريب؟
قال: عدوة الأمد مد بصره ينظر هل يرى ريبة تريبه. وقال الأصمعي: عداني منه شر أي بلغني، وعداني فلان من شره بشر يعدوني عدوا، وفلان قد أعدى الناس بشر أي ألزق بهم منه شرا، وقد جلست إليه فأعداني شرا أي أصابني بشره. وفي حديث علي، رضي الله عنه، أنه قال لطلحة يوم الجمل: عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا؟ وذلك أنه كان بايعه بالمدينة وجاء يقاتله بالبصرة، أي ما الذي صرفك ومنعك وحملك على التخلف، بعد ما ظهر منك من التقدم في الطاعة والمتابعة، وقيل: معناه ما بدا لك مني فصرفك عني، وقيل: معنى قوله ما عدا مما بدا أي ما عداك مما كان بدا لنا من نصرك أي ما شغلك، وأنشد:
عداني أن أزورك أن بهمي عجايا كلها، إلا قليلا وقال الأصمعي في قول العامة: ما عدا من بدا، هذا خطأ والصواب أما عدا من بدا، على الاستفهام، يقول: ألم يعد الحق من بدأ بالظلم، ولو أراد الإخبار قال: قد عدا من بدانا بالظلم أي قد اعتدى، أو إنما عدا من بدا. قال أبو العباس: ويقال فعل فلان ذلك الأمر عدوا بدوا أي ظاهرا جهارا. وعوادي الدهر: عواقبه، قال الشاعر:
هجرت غضوب وحب من يتجنب، وعدت عواد دون وليك تشعب
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست