فسألت يونس عنها فقال: مثلها صفتها، قال محمد ابن سلام:
ومثل ذلك قوله: ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، أي صفتهم. قال أبو منصور: ونحو ذلك روي عن ابن عباس، وأما جواب أبي عمرو لمقاتل حين سأله ما مثلها فقال فيها أنهار من ماء غير آسن، ثم تكريره السؤال ما مثلها وسكوت أبي عمرو عنه، فإن أبا عمرو أجابه جوابا مقنعا، ولما رأى نبوة فهم مقاتل سكت عنه لما وقف من غلظ فهمه، وذلك أن قوله تعالى: مثل الجنة، تفسير لقوله تعالى: إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار، وصف تلك الجنات فقال: مثل الجنة التي وصفتها، وذلك مثل قوله: ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، أي ذلك صفة محمد، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه في التوراة، ثم أعلمهم أن صفتهم في الإنجيل كزرع. قال أبو منصور: وللنحويين في قوله: مثل الجنة التي وعد المتقون، قول آخر قاله محمد بن يزيد الثمالي في كتاب المقتضب، قال:
التقدير فيما يتلى عليكم مثل الجنة ثم فيها وفيها، قال: ومن قال إن معناه صفة الجنة فقد أخطأ لأن مثل لا يوضع في موضع صفة، إنما يقال صفة زيد إنه ظريف وإنه عاقل. ويقال: مثل زيد مثل فلان، إنما المثل مأخوذ من المثال والحذو، والصفة تحلية ونعت.
ويقال: تمثل فلان ضرب مثلا، وتمثل بالشئ ضربه مثلا. وفي التنزيل العزيز: يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، وذلك أنهم عبدوا من دون الله ما لا يسمع ولا يبصر وما لم ينزل به حجة، فأعلم الله الجواب مما جعلوه له مثلا وندا فقال: إن الذين تعبدون من دون الله لن يخلقوا ذبابا، يقول: كيف تكون هذه الأصنام أندادا وأمثالا لله وهي لا تخلق أضعف شئ مما خلق الله ولو اجتمعوا كلهم له، وإن يسلبهم الذباب الضعيف شيئا لم يخلصوا المسلوب منه، ثم قال: ضعف الطالب والمطلوب، وقد يكون المثل بمعنى العبرة، ومنه قوله عز وجل: فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين، فمعنى السلف أنا جعلناهم متقدمين يتعظ بهم الغابرون، ومعنى قوله ومثلا أي عبرة يعتبر بها المتأخرون، ويكون المثل بمعنى الآية، قال الله عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وجعلناه مثلا لبني إسرائيل، أي آية تدل على نبوته.
وأما قوله عز وجل: ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون، جاء في التفسير أن كفار قريش خاصمت النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما قيل لهم: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم، قالوا: قد رضينا أن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى والملائكة الذين عبدوا من دون الله، فهذا معنى ضرب المثل بعيسى. والمثال: المقدار وهو من الشبه، والمثل: ما جعل مثالا أي مقدارا لغيره يحذى عليه، والجمع المثل وثلاثة أمثلة، ومنه أمثلة الأفعال والأسماء في باب التصريف.
والمثال: القالب الذي يقدر على مثله. أبو حنيفة: المثال قالب يدخل عين النصل في خرق في وسطه ثم يطرق غراراه حتى ينبسطا، والجمع أمثلة.
وتماثل العليل: قارب البرء فصار أشبه بالصحيح من العليل المنهوك، وقيل: إن قولهم تماثل المريض من المثول والانتصاب كأنه هم بالنهوض والانتصاب. وفي حديث عائشة تصف أباها، رضوان الله عليهما: فحنت له قسيها وامتثلوه