لسان العرب - ابن منظور - ج ٥ - الصفحة ٧٧
قلت: هجدنا، فقد طال السرى، وقدرنا إن خنى الليل غفل وقدر القوم أمرهم يقدرونه قدرا: دبروه وقدرت عليه الثوب قدرا فانقدر أي جاء على المقدار. ويقال: بين أرضك وأرض فلان ليلة قادرة إذا كانت لينة السير مثل قاصدة ورافهة، عن يعقوب.
وقدر عليه الشئ يقدره ويقدره قدرا وقدرا وقدره:
ضيقه، عن اللحياني. وفي التنزيل العزيز: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، قال الفراء: قرئ قدره وقدره، قال: ولو نصب كان صوابا على تكرر الفعل في النية، أي ليعط الموسع قدره والمقتر قدره، وقال الأخفش: على الموسع قدره أي طاقته، قال الأزهري: وأخبرني المنذري عن أبي العباس في وقوله على المقتر قدره وقدره، قال:
التثقيل أعلى اللغتين وأكثر، ولذلك اختير، قال: واختار الأخفش التسكين، قال: وإنما اخترنا التثقيل لأنه اسم، وقال الكسائي: يقرأ بالتخفيف والتثقيل وكل صواب، وقال: قدر وهو يقدر مقدرة ومقدرة ومقدرة وقدرانا وقدارا وقدرة، قال: كل هذا سمعناه من العرب، قال:
ويقدر لغة أخرى لقوم يضمون الدال فيها، قال: وأما قدرت الشئ فأنا أقدره، خفيف، فلم أسمعه إلا مكسورا، قال: وقوله: وما قدروا الله حق قدره، خفيف ولو ثقل كان صوابا، وقوله: إنا كل شئ خلقناه بقدر، مثقل، وقوله: فسالت أودية بقدرها، مثقل ولو خفف كان صوابا، وأنشد بيت الفرزدق أيضا:
وما صب رجلي في حديد مجاشع، مع القدر، إلا حاجة لي أريدها وقوله تعالى: فظن أن لن نقدر عليه، يفسر بالقدرة ويفسر بالضيق، قال الفراء في قوله عز وجل: وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه، قال الفراء: المعنى فظن أن لن نقدر عليه من العقوبة ما قدرنا. وقال أبو الهيثم: روي أنه ذهب مغاضبا لقومه، وروي أنه ذهب مغاضبا لربه، فأما من اعتقد أن يونس، عليه السلام، ظن أن لن يقدر الله عليه فهو كافر لأن من ظن ذلك غير مؤمن، ويونس، عليه السلام، رسول لا يجوز ذلك الظن عليه. فآل المعنى: فظن أن لن نقدر عليه العقوبة، قال: ويحتمل أن يكون تفسيره: فظن أن لن نضيق عليه، من قوله تعالى: ومن قدر عليه رزقه، أي ضيق عليه، قال: وكذلك قوله: وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه، معنى فقدر عليه فضيق عليه، وقد ضيق الله على يونس، عليه السلام، أشد تضييق ضيقه على معذب في الدنيا لأنه سجنه في بطن حوت فصار مكظوما أخذ في بطنه بكظمه، وقال الزجاج في قوله: فظن أن لن نقدر عليه، أي لن نقدر عليه ما قدرنا من كونه في بطن الحوت، قال: ونقدر بمعنى نقدر، قال: وقد جاء هذا في التفسير، قال الأزهري: وهذا الذي قاله أبو إسحق صحيح، والمعنى ما قدره الله عليه من التضييق في بطن الحوت، ويجوز أن يكون المعنى لن نضيق عليه، قال: وكل ذلك شائع في اللغة، والله أعلم بما أراد. فأما أن يكون قوله أن لن نقدر عليه من القدرة فلا يجوز، لأن من ظن هذا كفر، والظن شك والشك في قدرة الله تعالى كفر، وقد عصم الله أنبياءه عن مثل ما ذهب إليه هذا المتأول، ولا يتأول مثله إلا الجاهل بكلام العرب ولغاتها، قال الأزهري: سمعت
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست