لسان العرب - ابن منظور - ج ٥ - الصفحة ٧٨
المنذري يقول: أفادني ابن اليزيدي عن أبي حاتم في قوله تعالى: فظن أن لن نقدر عليه، أي لن نضيق عليه، قال: ولم يدر الأخفش ما معنى نقدر وذهب إلى موضع القدرة إلى معنى فظن أن يفوتنا ولم يعلم كلام العرب حتى قال: إن بعض المفسرين قال أراد الاستفهام، أفظن أن لن نقدر عليه، ولو علم أن معنى نقدر نضيق لم يخبط هذا الخبط، قال: ولم يكن عالما بكلام العرب، وكان عالما بقياس النحو، قال: وقوله: من قدر عليه رزقه، أي ضيق عليه علمه، وكذلك قوله: وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه، أي ضيق. وأما قوله تعالى: فقدرنا فنعم القادرون، فإن الفراء قال: قرأها علي، كرم الله وجهه، فقدرنا، وخففها عاصم، قال: ولا يبعد أن يكون المعنى في التخفيف والتشديد واحدا لأن العرب تقول: قدر عليه الموت وقدر عليه الموت، وقدر عليه وقدر، واحتج الذين خففوا فقالوا: لو كانت كذلك لقال: فنعم المقدرون، وقد تجمع العرب بين اللغتين. قال الله تعالى: فمهل الكافرين أمهلهم رويدا. وقدر على عياله قدرا: مثل قتر.
وقدر على الإنسان رزقه قدرا: مثل قتر، وقدرت الشئ تقديرا وقدرت الشئ أقدره وأقدره قدرا من التقدير. وفي الحديث في رؤية الهلال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له، وفي حديث آخر: فإن غم عليكم فأكملوا لعدة، قوله: فاقدروا له أي قدروا له عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوما، واللفظان وإن اختلفا يرجعان إلى معنى واحد، وروي عن ابن شريح أنه فسر قوله فاقدروا له أي قدروا له منازل القمر فإنها تدلكم وتبين لكم أن الشهر تسع وعشرون أو ثلاثون، قال: وهذا خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم، قال: وقوله فأكملوا العدة خطاب العامة التي لا تحسن تقدير المنازل، وهذا نظير النازلة تنزل بالعالم الذي أمر بالاجتهاد فيها وأن لا يقلد العلماء أشكال النازلة به حتى يتبين له الصوب كما بان لهم، وأما العامة التي لا اجتهاد لها فلها تقليد أهل العلم، قال: والقول الأول أصح، وقال الشاعر إياس بن مالك بن عبد الله المعنى:
كلا ثقلينا طامع بغنيمة، وقد قدر الرحمن ما هو قادر فلم أر يوما كان أكثر سالبا ومستلبا سرباله لا يناكر وأكثر منا يافعا يبتغي العلى، يضارب قرنا دارعا، وهو حاسر قوله: ما هو قادر أي مقدر، وثقل الرجل، بالثاء: حشمه ومتاع بيته، وأراد بالثقل ههنا النساء أي نساؤنا ونساؤهم طامعات في ظهور كل واحد من الحيين على صاحبه والأمر في ذلك جار على قدر الرحمن.
وقوله: ومستلبا سرباله لا يناكر أي يستلب سرباله وهو لا ينكر ذلك لأنه مصروع قد قتل، وانتصب سرباله بأنه مفعول ثان لمستلب، وفي مستلب ضمير مرفوع به، ومن رفع سرباله جعله مرتفعا به ولم يجعل فيه ضميرا. واليافع: المترعرع الداخل في عصر شبابه.
والدارع: اللابس الدرع. والحاسر: الذي لا درع عليه.
وتقدر له الشئ أي تهيأ. وفي حديث الاستخارة: فاقدره لي ويسره علي أي اقض لي به و هيئه. وقدرت الشئ أي هيأته.
وقدر كل شئ ومقداره: مبلغه. وقوله تعالى: وما قدروا الله حق قدره، أي ما عظموا الله
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست