لسان العرب - ابن منظور - ج ٥ - الصفحة ٧٥
والقدرية: قوم يجحدون القدر، مولدة. التهذيب:
والقدرية قوم ينسبون إلى التكذيب بما قدر الله من الأشياء، وقال بعض متكلميهم: لا يلزمنا هذا اللقب لأنا ننفي القدر عن الله عز وجل ومن أثبته فهو أولى به، قال: وهذا تمويه منهم لأنهم يثبتون القدر لأنفسهم ولذلك سموا، وقول أهل السنة إن علم الله سبق في البشر فعلم كفر من كفر منهم كما علم إيمان من آمن، فأثبت علمه السابق في الخلق وكتبه، وكل ميسر لما خلق له وكتب عليه. قال أبو منصور: وتقدير الله الخلق تيسيره كلا منهم لما علم أنهم صائرون إليه من السعادة والشقاء، وذلك أنه علم منهم قبل خلقه إياهم، فكتب علمه الأزلي السابق فيهم وقدره تقديرا، وقدر الله عليه ذلك يقدره ويقدره قدرا وقدرا، وقدره عليه وله، وقوله:
من أي يومي من الموت أفر:
أيوم لم يقدر أم يوم قدر؟
فإنه أراد النون الخفيفة ثم حذفها ضرورة فبقيت الراء مفتوحة كأنه أراد: يقدرن، وأنكر بعضهم هذا فقال: هذه النون لا تحذف إلا لسكون ما بعدها ولا سكون ههنا بعدها، قال ابن جني: والذي أراه أنا في هذا وما علمت أن أحدا من أصحابنا ولا غيرهم ذكره، ويشبه أن يكونوا لم يذكروه للطفه، هو أن يكون أصله أيوم لم يقدر أم بسكون الراء للجزم، ثم أنها جاورت الهمزة المفتوحة وهي ساكنة، وقد أجرت العرب الحرف الساكن إذا جاور الحرف المتحرك مجرى المتحرك، وذلك قولهم فيما حكاه سيبويه من قول بعض العرب: الكماة والمرأة، يريدون الكمأة والمرأة ولكن الميم والراء لما كانتا ساكنتين، والهمزتان بعدهما مفتوحتان، صارت الفتحتان اللتان في الهمزتين كأنهما في الراء والميم، وصارت الميم والراء كأنهما مفتوحتان، وصارت الهمزتان لما قدرت حركاتهما في غيرهما كأنهما ساكنتان، فصار التقدير فيهما مرأة وكمأة، ثم خففتا فأبدلت الهمزتان ألفين لسكونهما وانفتاح ما قبلهما، فقالوا: مراة و كماة، كما قالوا في رأس وفأس لما خففتا: راس وفاس، وعلى هذا حمل أبو علي قول عبد يغوث:
وتضحك مني شيخة عبشمية، كأن لم ترا قبلي أسيرا يمانيا قال: جاء به على أن تقديره مخففا كأن لم ترأ، ثم إن الراء الساكنة لما جاورت الهمزة والهمزة متحركة صارت الحركة كأنها في التقدير قبل الهمزة واللفظ بها لم ترأ، ثم أبدل الهمزة ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها فصارت ترا، فالألف على هذا التقدير بدل من الهمزة التي هي عين الفعل، واللام محذوفة للجزم على مذهب التحقيق، وقول من قال: رأى يرأى، وقد قيل: إن قوله ترا، على الخفيف السائغ، إلا أنه أثبت الألف في موضع الجزم تشبيها بالياء في قول الآخر:
ألم يأتيك، والأنباء تنمي، بما لاقت لبون بني زياد؟
ورواه بعضهم ألم يأتك على ظاهر الجزم، وأنشده أبو العباس عن أبي عثمان عن الأصمعي:
ألا هل أتاك والأنباء تنمي وقوله تعالى: إلا امرأته قدرنا أنها لمن الغابرين، قال الزجاج:
المعنى علمنا أنها لمن الغابرين، وقيل: دبرنا أنها لمن الغابرين أي الباقين في العذاب. ويقال: استقدر الله خيرا، واستقدر الله خيرا سأله أن
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست