لسان العرب - ابن منظور - ج ٥ - الصفحة ٦٤
ما ليلة الفقير إلا شيطان، مجنونة تودي بروح الإنسان لأن السير إليها متعب، والعرب تقول للشئ إذا استصعبوه: شيطان.
والفقير: فم القناة التي تجري تحت الأرض، والجمع كالجمع، وقيل:
الفقير مخرج الماء من القناة. وفي حديث محيصة: أن عبد الله بن سهل قتل وطرح في عين أو فقير، الفقير: فم القناة.
والفقر: أن يحز أنف البعير. وفقر أنف البعير يفقره ويفقره فقرا، فهو مفقور وفقير إذا حزه بحديدة حتى يخلص إلى العظم أو قريب منه ثم لوى عليه جريرا ليذلل الصعب بذلك ويروضه. وفي حديث سعد، رضي الله عنه: فأشار إلى فقر في أنفه أي شق وحز كان في أنفه، ومنه قولهم: قد عمل بهم الفاقرة. أبو زيد:
الفقر إنما يكون للبعير الضعيف، قال: وهي ثلاث فقر. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: ثلاث من الفواقر أي الدواهي، واحدتها فاقرة، كأنها تحطم فقار الظهر كما يقال قاصمة الظهر. والفقار: ما وقع على أنف البعير الفقير من الحرير، قال:
يتوق إلى النجاء بفضل غرب، وتفذعه الخشاشة والفقار ابن الأعرابي: قال أبو زياد تكون الحرقة في اللهزمة. أبو زياد: وقد يفقر الصعب من الإبل ثلاثة أفقر في خطمه، فإذا أراد صاحبه أن يذله ويمنعه من مرحه جعل الجرير على فقره الذي يلي مشفره فملكه كيف شاء، وإن كان بين الصعب والذلول جعل الجرير على فقره الأوسط فتريد في مشيته واتسع، فإذا أراد أن ينبسط ويذهب بلا مؤونة على صاحبه جعل الجرير على فقره الأعلى فذهب كيف شاء، قال:
فإذا خز الأنف حزا فذلك الفقر، وبعير مفقور.
وروى مجالد عن عامر في قوله تعالى: وسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا، قال الشعبي: فقرات ابن آدم ثلاث: يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا، هي التي ذكر عيسى عليه السلام، قال: وقال أبو الهيثم الفقرات هي الأمور العظام جمع فقرة، بالضم، كما قيل في قتل عثمان، رضي الله عنه: استحلوا الفقر الثلاث: حرمة الشهر الحرام وحرمة البلد الحرام وحرمة الخلافة، قال الأزهري: وروى القتيبي قول عائشة، رضي الله عنها، في عثمان: المركوب منه الفقر الأربع، بكسر الفاء، وقال: الفقر خرزات الظهر، الواحدة فقرة، قال: وضربت فقر الظهر مثلا لما ارتكب منه لأنها موضع الركوب، وأرادت أنه ركب منه أربع حرم عظام تجب له بها الحقوق فلم يرعوها وانتهكوها، وهي حرمته بصحبة النبي، صلى الله عليه وسلم، وصهره وحرمة البلد وحرمة الخلافة وحرمة الشهر الحرام. قال الأزهري: والروايات الصحيحة الفقر الثلاث، بضم الفاء، على ما فسره ابن الأعرابي وأبو الهيثم، وهو الأمر الشنيع العظيم، ويؤيد قولهما ما قاله الشعبي في تفسير الآية وقوله: فقرات ابن آدم ثلاث. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال: البعير يقرم أنفه، وتلك القرمة يقال لها الفقرة، فإن لم يسكن قرم أخرى ثم ثالثة، قال: ومنه قول عائشة في عثمان، رضي الله عنهما: بلغتم منه الفقر الثلاث، وفي رواية: استعتبتموه ثم عدوتم عليه الفقر الثلاث. قال أبو زيد: وهذا مثل، تقول: فعلتم به كفعلكم هذا البعير الذي لم تبقوا فيه غاية،
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست