وأرجو من كرم الله تعالى أن يرفع قدر هذا الكتاب وينفع بعلومه الزاخرة، ويصل النفع به بتناقل العلماء له في الدنيا وبنطق أهل الجنة به في الآخرة، وان يكون من الثلاث التي ينقطع عمل ابن آدم إذا مات الا منها، وان أنال به الدرجات بعد الوفاة بانتفاع كل من عمل بعلومه أو نقل عنها، وان يجعل تأليفه خالصا لوجهه الجليل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال عبد الله محمد بن المكرم: شرطنا في هذا الكتاب المبارك ان نرتبه كما رتب الجوهري صحاحه، وقد قمنا، والمنة لله، بما شرطناه فيه. إلا أن الأزهري ذكر، في أواخر كتابه ، فصلا جمع فيه تفسير الحروف المقطعة، التي وردت في أوائل سور القران العزيز، لأنها ينطق بها مفرقة غير مؤلفة ولا منتظمة، فترد كل كلمة في بابها، فجعل لها بابا بمفردها، وقد استخرت الله تعالى وقدمتها في صدر كتابي لفائدتين: أهمهما مقدمهما، وهو التبرك بتفسير كلام الله تعالى الخاص به، الذي لم يشاركه أحد فيه الا من تبرك بالنطق به في تلاوته، ولا يعلم معناه إلا هو، فاخترت الابتداء به لهذه البركة، قبل الخوض في كلام الناس، والثانية أنها إذا كانت في أول الكتاب أقرب إلى كل مطالع من آخره، لان العادة أن يطالع أول الكتاب ليكشف منه ترتيبه وغرض مصنفه، وقد لا يتهيأ للمطالع أن يكشف آخره، لأنه إذا اطلع من خطبته أنه على ترتيب الصحاح أيس ان يكون في آخره شئ من ذلك، فلهذا قدمته في أول الكتاب.