وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: في كهيعص هو كاف، هاد، يمين، عزيز، صادق، جعل اسم اليمين مشتقا من اليمن، وسنوسع القول في ذلك في ترجمة يمن ان شاء الله تعالى.
وزعم قطرب أن الر والمص والم وكهيعص وص وق ويس ون، حروف المعجم لتدل أن هذا القرآن مؤلف من هذه الحروف المقطعة التي هي: حروف أب ت ث، فجاء بعضها مقطعا ، وجاء تمامها مؤلفا ليدل القوم، الذين نزل عليهم القرآن، أنه بحروفهم التي يعقلونها لا ريب فيه.
قال، ولقطرب وجه آخر في ألم: زعم أنه يجوز أن يكون لما لغا القوم في القرآن فلم يتفهموه حين قالوا: " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه " أنزل عليهم ذكر هذه الحروف لأنهم لم يعتادوا الخطاب بتقطيع الحروف، فسكتوا لما سمعوا الحروف طمعا في الظفر بما يحبون، ليفهموا، بعد الحروف، القرآن وما فيه، فتكون الحجة عليهم أثبت، إذا جحدوا بعد تفهم وتعلم.
وقال أبو إسحق الزجاج: المختار من هذه الأقاويل ما روي عن ابن عباس وهو: أن معنى ألم أنا الله أعلم، وان كل حرف منها له تفسير. قال: والدليل على ذلك أن العرب تنطق بالحرف الواحد تدل به على الكلمة التي هو منها، وانشد:
قلت لها قفي فقالت ق فنطق بقاف فقط تريد أقف. وانشد أيضا:
ناديتهم أن ألجموا ألا تا! قالوا، جميعا، كلهم: ألا فا!
قال تفسيره: نادوهم أن ألجموا ألا تركبون؟ قالوا جميعا: ألا فاركبوا، فإنما نطق بتاء وفاء كما نطق الأول بقاف.
وقال: وهذا الذي اختاروه في معنى هذه الحروف، والله أعلم بحقيقتها.
وروي عن الشعبي أنه قال: لله عز وجل، في كل كتاب، سر، وسره، في القرآن، حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور.
واجمع النحويون: أن حروف التهجي، وهي الألف والباء والتاء والثاء وسائر ما في القرآن منها، انها مبنية على الوقف، وانها لا تعرب. ومعنى الوقف أنك تقدر أن تسكت على كل حرف منها، فالنطق بها: ألم.
والدليل على أن حروف الهجاء مبنية على السكت، كما بني العدد على السكت، أنك تقول فيها بالوقوف 1، مع الجمع، بين ساكنين، كما تقول، إذا عددت واحد اثنان ثلاثة أربعة، فتقطع ألف اثنين، والف اثنين ألف وصل، وتذكر الهاء في ثلاثة وأربعة، ولو لا أنك تقدر السكت لقلت ثلاثة، كما تقول ثلاثة يا هذا، وحقها من الاعراب أن تكون سواكن الأواخر.
وشرح هذه الحروف وتفسيرها: ان هذه الحروف ليست تجري مجرى الأسماء المتمكنة والافعال المضارعة التي يجب لها الاعراب، فإنما هي تقطيع الاسم المؤلف الذي لا يجب الاعراب إلا مع كماله، فقولك جعفر لا يجب أن تعرب منه الجيم ولا العين ولا الفاء ولا الراء دون تكميل الاسم، وانما هي حكايات