لسان العرب - ابن منظور - ج ١ - الصفحة ٥
مقدمة الطبعة الأولى الحمد لله منطق اللسان بتحميد صفاته، وملهم الجنان إلى توحيد ذاته، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف مخلوقاته، وعلى آله وصحبه الذين اقتدوا بقداته واهتدوا بسماته. وبعد فقد اتفقت آراء الأمم:
العرب منهم والعجم، الذين مارسوا اللغات ودروا ما فيها من الفنون والحكم، وأساليب التعبير عن كل معنى يجرى على اللسان والقلم، على ان لغة العرب أوسعها وأسنعها، وأخلصها وأنصعها، وأشرفها وأفضلها، وآصلها وأكلمها، وذلك لغزارة موادها، واطراد اشتقاقها، وسرارة جوادها، واتحاد انتساقها. ومن جملته تعدد المترادف، الذي هو للبليغ خير رافد ورادف، وما يأتي على روي واحد في القصائد مما يكسب النظم من التحسين وجوها، لا تجد لها في غيرها من لغات العجم شبيها.
وهذا التفضيل يزداد بيانا وظهورا، ويزيد المتأمل تعجبا وتحيرا، إذا اعتبرت أنها كانت لغة قوم أميين لم يكن لهم فلسفة اليونانيين، ولا صنائع أهل الصين، ومع ذلك فقد جعلت بحيث يعبر فيها عن خواطر هذين الجيلين بل سائر الأجيال، إذا كانت جديرة بان يشغل بها البال، وتحسن في الاستعمال الذي من لوازمه أن يكون المعني المفرد وغير المفرد موضوعا بإزائه لفظ مفرد في الوضع، يخف النطق به على اللسان ويرتاح له الطبع، وهو شان العربية، وكفاها فضلا على ما سواها هذه المزية.
وانما قلت مفرد في الوضع لأنا نرى معظم ألفاظ اليونانية، وغيرها من اللغات الإفرنجية، من قبيل النحت، وشتان ما بينه وبين المفرد البحت، فان هذا يدل على ان الواضع فطن، من أول الامر، إلى المعاني المقصودة التي يحتاج إليها لإفادة السامع، بحسب اختلاف الأحوال والمواقع. وذاك يدل على أن تلك المعاني لم تخطر بباله الا عندما مست الحاجة إليها، فلفق لها ألفاظا كيفما اتفق واعتمد في الإفادة عليها. فمثل من وضع اللفظ المفرد، مثل من بنى صرحا لينعم فيه ويقصد، فقدر من قبل البناء كل ما لزم له من المداخل والمخارج، والمرافق والمدارج، ومنافذ النور والهواء، والمناظر المطلة على المنازه الفيحاء، وهكذا أتم بناءه، كما قدره وشاءه. ومثل من عمد إلى النحت والتلفيق، مثل من بنى من غير تقدير ولا تنسيق ، فلم يفطن إلى ما لزم لمبناه الا بعد أن سكنه، وشعر بأنه لا يصيب فيه سكنه، فتدارك ما فرط منه تدارك من لهوج فعجز، فجاء بناؤه سدادا من عوز.
هذا من حيث كون الالفاظ مفردة كما أسلفت مفصلا. فاما من حيث كونها تركب جملا، وتكسى من منوال البلاغة حللا، فنسبة تلك اللغات إلى العربية، كنسبة العريان إلى الكاسي، والظمآن إلى الحاسي، ولا ينكر ذلك الا مكابر، على جحد الحق مثابر. وحسبك أنه ليس في تلك اللغات من أنواع البديع الا التشبيه والمجاز، وما سوى ذلك يحسب فيها من قبيل الاعجاز.
هذا وكما أني قررت ان اللغة العربية أشرف اللغات، كذلك أقرر أن أعظم كتاب ألف في مفرداتها كتاب لسان العرب للامام المتقن جمال الدين محمد بن جلال الدين الأنصاري الخزرجي الإفريقي، نزيل مصر، ويعرف بابن مكرم وابن منظور، ولد في المحرم سنة 690، وتوفي سنة 771 (1). وقد جمع في

(١) كانت ولادته سنة ٦٣٠ ووفاته سنة ٧١١ كما في الوافي بالوفيات للصفدي والدرر الكامنة لابن حجر والمنهل الصافي لابن تغري بردى والبغية للسيوطي.
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حرف الهمزة فصل الهمزة 23
2 فصل الباء الموحدة 25
3 فصل التاء المثناة فوقها 39
4 فصل الثاء المثلثة 40
5 فصل الجيم 41
6 فصل الحاء المهملة 53
7 فصل الخاء المعجمة 62
8 فصل الدال المهملة 69
9 فصل الذال المعجمة 79
10 فصل الراء 81
11 فصل الزاي 90
12 فصل السين المهملة 92
13 فصل الشين المعجمة 99
14 فصل الصاد المهملة 107
15 فصل الضاد المعجمة 110
16 فصل الطاء المهملة 113
17 فصل الظاء المعجمة 116
18 فصل العين المهملة 117
19 فصل الغين المعجمة 119
20 فصل الفاء 119
21 فصل القاف 127
22 فصل الكاف 136
23 فصل اللام 150
24 فصل الميم 154
25 فصل النون 161
26 فصل الهاء 179
27 فصل الواو 189
28 فصل الياء المثناة تحتها 202
29 حرف الباء فصل الهمزة 204
30 فصل الباء الموحدة 221
31 فصل التاء المثناة فوقها 225
32 فصل الثاء المثلثة 234
33 فصل الجيم 248
34 فصل الحاء المهملة 288
35 فصل الخاء المعجمة 341
36 فصل الدال المهملة 368
37 فصل الذال المعجمة 377
38 فصل الراء 398
39 فصل الزاي المعجمة 443
40 فصل السين المهملة 454
41 فصل الشين المعجمة 479
42 فصل الصاد المهملة 514
43 فصل الضاد المعجمة 538
44 فصل الطاء المهملة 553
45 فصل الظاء المعجمة 568
46 فصل العين المهملة 572
47 فصل الغين المعجمة 634
48 فصل الفاء 657
49 فصل القاف 657
50 فصل الكاف 694
51 فصل اللام 729
52 فصل الميم 747
53 فصل النون 747
54 فصل الهاء 778
55 فصل الواو 791
56 فصل الياء المثناة تحتها 805