قال أبو عبيد: سئل ابن عباس، رضي الله عنهما، عن رجل جعل أمر امرأته بيدها، فقالت له: أنت طالق ثلاثا، فقال ابن عباس: خطأ الله نوءها ألا طلقت نفسها ثلاثا.
قال أبو عبيد: النوء هو النجم الذي يكون به المطر، فمن همز الحرف أراد الدعاء عليها أي أخطأها المطر، ومن قال خط الله نوءها جعله من الخطيطة. قال أبو سعيد: معنى النوء النهوض لا نوء المطر ، والنوء نهوض الرجل إلى كل شئ يطلبه، أراد: خطأ الله منهضها ونوءها إلى كل ما تنويه، كما تقول: لا سدد الله فلانا لما يطلب، وهي امرأة قال لها زوجها: طلقي نفسك، فقالت له: طلقتك، فلم ير ذلك شيئا، ولو عقلت لقالت: طلقت نفسي.
وروى ابن الأثير هذا الحديث عن عثمان، وقال فيه: إن الله خطأ نوءها ألا طلقت نفسها. وقال في شرحه: قيل هو دعاء عليها، كما يقال: لا سقاه الله الغيث، وأراد بالنوء الذي يجئ فيه المطر. وقال الحربي: هذا لا يشبه الدعاء إنما هو خبر، والذي يشبه أن يكون دعاء حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: خطأ الله نوءها، والمعنى فيهما لو طلقت نفسها لوقع الطلاق، فحيث طلقت زوجها لم يقع الطلاق، وكانت كمن يخطئه النوء، فلا يمطر.
وناوأت الرجل مناوأة ونواء: فاخرته وعاديته. يقال: إذا ناوأت الرجل فاصبر، وربما لم يهمز وأصله الهمز، لأنه من ناء إليك ونؤت إليه أي نهض إليك ونهضت إليه. قال الشاعر:
إذا أنت ناوأت الرجال، فلم تنؤ * بقرنين، غرتك القرون الكوامل ولا يستوي قرن النطاح، الذي به * تنوء، وقرن كلما نؤت مائل والنوء والمناوأة: المعاداة. وفي الحديث في الخيل: ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام، أي معاداة لهم. وفي الحديث: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على من ناوأهم، أي ناهضهم وعاداهم.
* نيأ: ناء الرجل، مثل ناع، كنأى، مقلوب منه: إذا بعد، أو لغة فيه.
أنشد يعقوب:
أقول، وقد ناءت بهم غربة النوى، * نوى خيتعور، لا تشط ديارك واستشهد الجوهري في هذا الموضع بقول سهم بن حنظلة:
من إن رآك غنيأ لان جانبه، * وإن رآك فقيرا ناء، فاغتربا ورأيت بخط الشيخ الصلاح المحدث، رحمه الله، أن الذي أنشده الأصمعي ليس على هذه الصورة، وإنما هو:
إذا افتقرت نأى، واشتد جانبه، * وإن رآك غنيا لان، واقتربا وناء الشئ واللحم ينئ نيئا، بوزن ناع ينيع نيعا، وأنأته أنا إناءة إذا لم تنضجه. وكذلك نهئ اللحم، وهو لحم بين النهوء والنيوء، بوزن النيوع، وهو بين النيوء والنيوءة: لم ينضج. ولحم نئ، بالكسر، مثل نيع: لم تمسسه نار، هذا هو الأصل. وقد يترك الهمز ويقلب ياء فيقال: ني، مشددا. قال أبو