الدبران، وهو بين الصيف والخريف، وليس له نوء، ثم الخريفي وأنواؤه النسران، ثم الأخضر، ثم عرقوتا الدلو الأوليان. قال أبو منصور: وهما الفرغ المقدم. قال: وكل مطر من الوسمي إلى الدفئي ربيع. وقال الزجاج في بعض أماليه وذكر قول النبي، صلى الله عليه وسلم: من قال سقينا بالنجم فقد آمن بالنجم وكفر بالله، ومن قال سقانا الله فقد آمن بالله وكفر بالنجم. قال: ومعنى مطرنا بنوء كذا، أي مطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر. قال: والنوء على الحقيقة سقوط نجم في المغرب وطلوع آخر في المشرق، فالساقطة في المغرب هي الأنواء، والطالعة في المشرق هي البوارح. قال، وقال بعضهم: النوء ارتفاع نجم من المشرق وسقوط نظيره في المغرب، وهو نظير القول الأول، فإذا قال القائل مطرنا بنوء الثريا، فإنما تأويله أنه ارتفع النجم من المشرق، وسقط نظيره في المغرب، أي مطرنا بما ناء به هذا النجم.
قال: وإنما غلظ النبي، صلى الله عليه وسلم، فيها لأن العرب كانت تزعم أن ذلك المطر الذي جاء بسقوط نجم هو فعل النجم، وكانت تنسب المطر إليه، ولا يجعلونه سقيا من الله، وإن وافق سقوط ذلك النجم المطر يجعلون النجم هو الفاعل ، لأن في الحديث دليل هذا، وهو قوله: من قال سقينا بالنجم فقد آمن بالنجم وكفر بالله. قال أبو إسحق: وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا ولم يرد ذلك المعنى ومراده أنا مطرنا في هذا الوقت، ولم يقصد إلى فعل النجم، فذلك، والله أعلم، جائز، كما جاء عن عمر، رضي الله عنه، أنه استسقى بالمصلى ثم نادى العباس:
ك السبع حتى غيث الناس، فإنما أراد عمر، رضي الله تعالى عنه، كم بقي من الوقت الذي جرت به العادة أنه إذا تم أتى الله بالمطر. قال ابن الأثير: أما من جعل المطر من فعل الله تعالى، وأراد بقوله مطرنا بنوء كذا أي في وقت كذا، وهو هذا النوء الفلاني، فإن ذلك جائز أي إن الله تعالى قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات. قال: وروى علي، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال في قوله تعالى: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون، قال: يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا. قال أبو منصور: معناه: وتجعلون شكر رزقكم، الذي رزقكموه الله، التكذيب أنه من عند الرزاق، وتجعلون الرزق من عند غير كم بقي من نوء الثريا؟ فقال: إن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعا بعد وقوعها، فوالله ما مضت الله، وذلك كفر، فأما من جعل الرزق من عند الله، عز وجل، وجعل النجم وقتا وقته للغيث، ولم يجعله المغيث الرزاق، رجوت أن لا يكون مكذبا، والله أعلم. قال: وهو معنى ما قاله أبو إسحق وغيره من ذوي التمييز. قال أبو زيد:
هذه الأنواء في غيبوبة هذه النجوم.
قال أبو منصور: وأصل النوء: الميل في شق. وقيل لمن نهض بحمله: ناء به، لأنه إذا نهض به، وهو ثقيل، إناء الناهض أي أماله.
وكذلك النجم، إذا سقط، مائل نحو مغيبه الذي يغيب فيه، وفي بعض نسخ الإصلاح: ما بالبادية أنوأ من فلان، أي أعلم بأنواء النجوم منه، ولا فعل له. وهذا أحد ما جاء من هذا الضرب من غير أن يكون له فعل، وإنما هو من باب أحنك الشاتين وأحنك البعيرين.