شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ٥٦
انتصاب التمييز عنه، كزيد، في: طاب زيد نفسا، لأنه لولا أنك أسندت (طاب) إليه، لم يكن ينتصب (نفسا) بل كان يرتفع، إذ هو في الأصل فاعل، أي: طاب نفس زيد، فزيد هو سبب لانتصاب (نفسا)، وكذا معنى قولهم:
ينتصب عن تمام الاسم، أو عن تمام الكلام، أي أن تمامها سبب لانتصاب التمييز، تشبيها بالمفعول الذي يجيئ بعد تمام الكلام بالفاعل، ويجوز أن يقال: إن (عن) في هذه المواضع بمعنى (بعد)، كما قيل في قوله تعالى: (لتركبن طبقا عن طبق 1)، والأول أولى، قوله: (عن مفرد، مقدار غالبا)، نقول: التمييز على ضربين: رافع الإبهام عن ذات مذكورة، ورافعه عن ذات مقدرة، والأول لا يكون إلا عن مفرد، وذلك المفرد على ضربين: إما مقدار، وهو الغالب، أو غير مقدار، والمقدار: ما يقدر به الشئ، أي يعرف به قدره ويبين، والمقادير إما مقاييس 2 مشهورة موضوعة ليعرف بها قدر الأشياء كالأعداد، وما يعرف به قدر المكيل، كالقفيز والاردب والكر، وما يعرف به قدر الموزون، كصنجات 3 الوزن، كالطسوج والدانق والدينار والمن والرطل، ونحو ذلك، وما يعرف به قدر المذروع والممسوح،.
كالذراع، وقدر راحة، وقدر شبر، ونحو ذلك،.
أو مقاييس غير مشهورة، ولا موضوعة للتقدير، كقوله تعالى: (ملء الأرض ذهبا) 4، وقولك: عندي مثل زيد رجلا، وأما: غيرك إنسانا، وسواك رجلا، فمحمول على (مثلك) بالضدية، وقولك:

(1) الآية 19 سورة الانشقاق (2) المراد بالمقاييس هنا: الأشياء التي تعتبر معيارا لغيرها وأما المقيس بالمعنى المتعارف فعبر عنه بالمذروع فيما يأتي، (3) الصنجة، ثقل من حديد ونحوه يجعل أساسا للوزن وكثير مما أورده الرضي هنا، منقول من لغات مختلفة، يرجع في تحديد معناها إلى المعاجم وكتب المعرب ونحوها، (4) من الآية 91 سورة آل عمران،
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست