واستدل المصنف على امتناع عمل اسم الإشارة في أول الحالين، بأن المبتدأ إذا تقيد بحال، لم يتقيد الخبر بالحال، ألا ترى أن اسم الإشارة لما تقيد بالحال في: هذا زيد قائما، لم يتقيد الخبر بذلك الحال، وفي نحو: هذا بسرا أطيب منه رطبا ، تقيد الخبر بالحال اتفاقا فلا يتقيد المبتدأ بالحال، وهذا الدليل في غاية من الضعف لا توصف، أما أولا، فلأنه لا يلزم من امتناع تقيد المبتدأ والخبر معا بالحال في مثال معين: امتناع تقيدهما في جميع الأمثلة، فلعل في ذلك المثال الخاص مانعا من تقيدهما معا، ليس في غيره، وأما ثانيا فلأن المدعى في المثال المذكور، المتنازع فيه: أن المبتدأ مقيد بحال، والخبر بحال أخرى، وهو لم يبين في نحو: هذا زيد قائما إلا استحالة تقيدهما معا بحال واحدة، فلو سلم، أيضا، اطراد استحالة تقيد المبتدأ والخبر في كل موضع بحال واحدة، لم يلزم منه استحالة تقيد كل واحد منهما بحال أخرى 1، فالحق، اذن، أن يقال، العامل في الحال الأول، أيضا، أفعل التفضيل، وآلة التشبيه، مع ضعفهما في العمل، كما تقدم، ولنقدم على بيان تعليله مقدمة، فنقول: ما يدل على حدثين فصاعدا يصلح كل منهما للعمل، على ضربين:
أحدهما: ما يدل على حدثين يقعان معا، ويتعلق كل واحد منهما بمحدث الآخر، نحو: تضارب زيد وعمرو، وضارب زيد عمرا، فان ضرب كل واحد منهما تعلق بالآخر، أو يقعان معا ويتعلق كلاهما بشئ واحد، نحو: تنازعنا الحديث، ومثل هذه العوامل لا يتميز منصوب أحد جزأيها عن منصوب الآخر، مفعولا به 2، وقد يتميز حالاهما، نحو: تشاتم زيد قائما، وعمرو قاعدا، أو ظرفاهما نحو: تشاتم زيد في الدار وعمرو في الصفة، ويجوز أن يكونا حالين ولا يختلف زماناهما، لأن الغرض