فالجواب: أنه لما فاتت موازنة المضارع، لم يشترط فيه أحد الزمانين أو تقول: شرط كون إضافة اسمي الفاعل والمفعول لفظية: ألا يكونا بمعنى الماضي، لا أن يكونا بمعنى الحال أو الاستقبال، كما سيجيئ في هذا الباب، أو الاستمرار 1، كما يجيئ بعد، والأطلاق يفيد الاستمرار، وقالوا في: حسبك، وشرعك، وكافيك، وناهيك، وكفيك ونهيك، ونهاك، إنها لم تتعرف لكونها بمعنى الفعل، لأن معنى حسبك زيد: ليكفك زيد ، وكذا أخواته، وإنما بني قدك، وقطك، وبجلك دون حسبك وأخواته، لأنها 2 صارت أسماء أفعال، كما يجيئ في باب اسم الفعل، بخلاف حسبك وأخواته، ويدخل عليها 3 من نواسخ الابتداء (إن) فقط، كقوله تعالى: (فإن حسبك الله) 4، لأنها لا تغير معنى الكلام، ولا تقع إذا جاوزت هذا الموضع إلا موقعا يصح وقوع الفعل فيه، لأدائها معنى الفعل، وتكون صفة للنكرة، نحو: مررت برجل حسبك وكفيك، وحالا من المعرفة، نحو:
هذا عبد الله حسبك وشرعك، منصوبين، ولم يتصرف في هذه، إلا في الأعراب، فلم تثن ولم تجمع، لمشابهة قدك وقطك، غير المتصرفين، وعلى هذا قالوا: مررت برجل كافيك من رجل، وبرجلين كافيك من رجلين 5، وبامرأة كافيك من امرأة، اجراء له في عدم التصرف مجرى : قدك وقطك، وقد استعمل (ناهيك) على أصله من التصرف، فقيل: برجلين ناهييك من رجلين، وبامرأة ناهيتك من امرأة، وكذا سائر تصرفاته، وقالوا: مررت برجل هدك من رجل وبرجلين هدك من رجلين، وبرجال هدك من رجال، وبامرأة هدك من امرأة،