وإنما كان الغالب في صاحبها التعريف، لأنه إذا كان نكرة، كان ذكر ما يميزها ويخصصها من بين أمثالها، أعني وصفها: أولى من ذكر ما يقيد الحدث المنسوب إليها، أعني حالها، لأن الأولى أن يبين الشئ أولا، ثم يبين الحدث المنسوب إليه، ثم يبين قيد ذلك الحدث، فعلى هذا، أولت المعرفة حالا 1، لأن التعريف عبث ضائع، ولم تؤول النكرة ذا حال 2، لأن غايته أنه على خلاف الأولى، فقوله: (غالبا)، يرجع إلى تعريف صاحب الحال، لأن تنكيرها واجب لا غالب.
قوله: (وأرسلها العراك)، هذا مثال لتعريف صاحب الحال في الظاهر، ونقول:
الحال المعرفة ظاهرا: إما مصدر، وإما غير مصدر، والمصدر إما معرف باللام، نحو:
أرسلها العراك، أو معرف بالإضافة، نحو: افعله جهدك 3 وطاقتك، ووحدك، و:
رجع عوده على بدئه، وفيه قولان:
قال سيبويه: 4 إنها معارف موضوعة موضع النكرات 5، أي معتركة ومجتهدا ومطيقا، ومنفردا، وعائدا، والطاقة بمعنى الوسع، وكذا: الطوق، اسم وضع موضع الإطاقة، ووحدك، في الأصل: وحدتك، فحذفت التاء، لقيام المضاف إليه مقامها، كما في قوله تعالى: (وإقام الصلاة) 6، والوحدة: الانفراد، ويجوز أن يكون الوحد، (والحدة 7) والوحدة، مصدر: وحد يحد، يقال: وحدا وحدة، كوعد يعد وعدا وعدة.