وقال تعالى: (ما منعك أن لا تسجد) أي ما منعك أن تسجد.
وقد يكون حرف عطف لاخراج الثاني مما دخل فيه الأول، كقولك: رأيت زيدا لا عمرا.
فإن أدخلت عليها الواو خرجت من أن تكون حرف عطف، كقولك: لم يقم زيد ولا عمرو; لان حروف النسق لا يدخل بعضها على بعض، فتكون الواو للعطف ولا إنما هي لتوكيد النفي.
وقد تزاد فيه التاء فيقال: لات، وقد ذكرناه في باب التاء.
وإذا استقبلها الألف واللام ذهبت ألفه، كما قال:
أبى جوده لا البخل واستعجلت نعم * به من فتى لا يمنع الجوع قاتله (1) وذكر يونس أن أبا عمرو بن العلاء كان يجر البخل ويجعل لا مضافة إليه، لان لا قد تكون للجود وللبخل، ألا ترى أنه لو قيل له امنع الحق فقال لا، كان جودا منه. فأما إن جعلتها لغوا نصبت البخل بالفعل, وإن شئت نصبته على البدل.
وقولهم: إما لي فافعل كذا، بالإمالة، أصله إن لا، وما صلة، ومعناه إن لا يكون ذلك الامر فافعل كذا.
وأما قول الكميت:
كلا وكذا تغميضة ثم هجتم * لدى حين أن كانوا إلى النوم أفقرا فيقول: كان نومهم في القلة والسرعة كقول القائل: لا وذا.
و (لو): حرف تمن، وهو لامتناع الثاني من أجل امتناع الأول، تقول: لو جئتني لأكرمتك. وهو خلاف إن التي للجزاء، لأنها توقع الثاني من أجل وجود الأول.
وأما (لولا) فمركبة من معنى إن ولو، وذلك أن لولا يمنع الثاني من أجل وجود الأول، تقول: لولا زيد لهلكنا، أي امتنع وقوع الهلاك من أجل وجود زيد هناك. وقد تكون بمعنى هلا، كقول الشاعر (1):
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم * بنى ضوطرى لولا الكمي المقنعا وهو كثير في القرآن.
وإن جعلت لو اسما شددته فقلت قد أكثرت