منه كما هو الظاهر في كونه موردا للإنكار، فإن كان التعبد به على تقديره لمجرد مصلحة الطريقية والوصول إلى الواقع، فيمتنع للزم نقض الغرض وتفويت المصلحة والإيقاع في المفسدة، فلا شيء يجبرها، لكن يمكن أن يكون هناك مصلحة أخرى مقتضية للتعبد به غير مصلحة الطريقية جابرة لها غير منافية لاعتبار الظن من باب الطريقية، ويكفي كونها مجرد التسهيل على ذلك المكلف أو على نوع المكلفين، لكن على الثاني لا بد من جبر الشارع تفويت المصلحة أو الوقوع في المفسدة إذا أدى العمل بالظن إليهما لذلك المكلف تسهيلا ()، لأن وجود مصلحة التسهيل في حق غيره لا يصحح تفويت مصلحة الواقع عليه، أو إيقاعه في مفسدته، بل هو مخالف للطف من غير ما يقتضي جواز تركه في حقه، مع إمكان أن يقال بعدم وجوب تداركها في حقه، نظرا إلى أن قاعدة اللطف لا تقتضي إيصال جميع التكاليف والخطابات الواقعية إلى المكلف بحيث لا يفوته شيء منها وإنما يقتضي صدور الخطابات على طبق المصالح والمفاسد وإبلاغها إلى المكلفين على مجاري العادات، ولا يجب أن يقرعها بأسماعهم، فإذا لم يجب إبلاغها كذلك فلا يقبح إخفاء بعضها - بواسطة ترخيصه العمل بالظن - على المكلف () فتأمل.
ويمكن أن تكون هي مصلحة الانقياد، فإنها على تقدير مخالفة الظن للواقع حاصلة لا محالة، فيتدارك بها مفسدة الواقع أو فوت مصلحته، وكل من هاتين - أعني مصلحتي التسهيل والانقياد - على تقديرها قائمة بنفس الأمر بالسلوك على طبق الظن، وحاصلة بالأمر كما لا يخفى، وليست قائمة بنفس السلوك، فلا يرد على شيء منهما شيء من الأسئلة الآتية.