والإنصاف أن هذا الوجه ينبغي للاعتماد [عليه] بتقريب () أن المجمعين - من المتكلمين - على اعتبارها لم بخصوصها بالعبادات الشرعية، بل ادعوا أن الإطاعة مطلقا لا تتحقق إلا بها، فهم يعترفون بأنه لو تحققت الإطاعة في مورد ولو في الأوامر العرفية بدونها لتحققت بدونها مطلقا وأنت تعلم بعدم توقفها في الأوامر العرفية عليها كما مر التنبيه عليه في أول المسألة.
والحاصل أنهم ذهبوا إلى ما ذهبوا لأجل شبهة حصلت لهم عامة لجميع الموارد حتى الأوامر العرفية، فإذا علمنا نحن بفساد تلك الشبهة في الأوامر العرفية نعلم بفسادها مطلقا، وحيث إنه لا منشأ لاحتمال اعتبار المعرفة التفصيلية إلا تلك الشبهة، فبعد العلم بفسادها مطلقا فقطع بعدم اعتبارها مطلقا.
ومن هنا يتضح الطريق إلى وجه آخر للمطلوب: وهو أنه إذا كان منشأ احتمال اعتبار معرفة الواجب تفصيلا هو ما عند القائلين باعتبار مع اعترافهم بأنه على تقدير فساده لا يتوقف عليها الطاعة واقعا بعد ما علمنا يمكن دعوى الإجماع من الكل حتى من القائلين باعتبارها على عدم اعتبارها واقعا بعد ما علمنا بفساد مدرك اعتبارها، فإن هؤلاء مطبقون على عدم اعتبارها على تقدير فساد المدرك واقعا فإذا أحرزنا نحو ذلك التقدير فقد أحرزنا معقد اتفاقهم على عدم اعتبارهم، ويقال بمثل هذا الإجماع الإجماع التقديري على ألسنة المتأخرين من الأصوليين وهو على تقدير ثبوته - كما في المقام - كاشف قطعي عن رأي المعصوم عليه السلام وعن رضاه بلا شبهة تعتريه.
ومما ذكرنا - من أن العلم بفساد مدركهم بالنسبة إلى الأوامر العرفية مستلزم له بالنسبة إلى الأوامر الشرعية أيضا ويتم هذا المطلوب بالتقريب المذكور - يصح التمسك بما ذكرنا في أول المسألة من تحقق الطاعة بمجرد