الشرعية من الواجبات والمحرمات كالصلاة وشرب الخمر ونحوهما بأن يقال الصلاة حجة أو شرب الخمر حجة واللازم باطل بالبديهة فالملزوم مثله، والملازمة واضحة، فكان عليه - قدس سره - أن لا يعبر عنه بالاعتبار المذكور بها، ويحرر النزاع هكذا: فهل العمل بالقطع واجب شرعا فيكون مخالفته معصية موجبة لاستحقاق العقاب أولا وإن كان في تصور وجوبه الشرعي أيضا إشكال تقدمت الإشارة إليه في حجية القطع من حيث الطريقية وسيأتي له مزيد توضيح إن شاء الله تعالى.
ثم إنه ينبغي قبل الخوض في المقام تمهيد مقال.
فاعلم أن البحث عن مخالفة القطع يتصور على وجوه واعتبارات فيختلف نسبته بالنظر إلى بعضها مع نسبته إلى بعض آخر من تلك الوجوه:
فإنه إن وقع باعتبار حرمة مخالفة القطع وجوب العمل به شرعا فيدخل بهذا الاعتبار في المسائل الفقهية لصدق حدها عليه حينئذ، لكونها عبارة عما يبحث فيه عن أحوال فعل المكلف شرعا بمعنى أحكامه الشرعية المجعولة له من الخمسة التكليفية أو الوضعية.
وإن وقع باعتبار قبح مخالفته كقبح الظلم ونحوه فيدخل في المسائل الكلامية لأنه من شأن المتكلم.
وإن وقع باعتبار إدراك العقل لقبح مخالفته وعدم إدراكه له فيدخل في المسائل الأصولية العقلية، لأن المسألة الأصولية ما كان موضوعها أحد الأدلة الأربعة المعروفة التي منها العقل سواء كان البحث فيها كبرويا كالبحث عن حجية الخبر أو عن حجية العقل أو صغرويا كالبحث عن حكم العقل بالملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها وبين الأمر بالشيء والنهي عن ضده، وما نحن فيه على التقدير المذكور من قبيل الثاني كما لا يخفى.
وعلى جميع الاعتبارات الثلاثة إما أن يكون الملحوظ ومحط النظر عنوان