المقامين فقط.
ويقوي ذلك - بل يشهد له - أن البحث عن هذه المسألة والتعرض لها لم يكن معهودا من أحد من متقدمي الأصوليين وإنما أحدث البحث عنه المتأخرون منهم - كما أشرنا إليه - والظاهر - بل المعلوم - أن هؤلاء أخذوا ذلك من الفقهاء - رضوان الله عليهم - في بعض الموارد الخاصة من الفقه كمسألة تداخل الأغسال والوضوءات ونحوهما من سائر الموارد التي اجتمعت فيها أسباب متعددة مع اتحاد مسبباتها نوعا فعنونوه على نحو الكلية.
ومن المعلوم للمراجع في كلمات الفقهاء في تلك الموارد أن مقصودهم في مسألة الأغسال مثلا أنه إذا وجد أسباب متعددة لإيجاب الغسل، كالجنابة والحيض، ومس الميت، وغيرها، فهل يقتضي تعددها تعدد الواجب - وهو الغسل في الخارج - أو لا؟ فإن النافين للاقتضاء ثمة - أيضا - قد ينفونه بمنع اقتضاء تعدد الأسباب لتعدد التكاليف، وقد ينفونه بمنع اقتضاء التكاليف تعدد المكلف به في الخارج، وهكذا الحال في سائر الموارد الخاصة، فراجع وتأمل بعين الإنصاف وقد حكى - دام ظله - عن السيد الجليل بحر العلوم - قدس سره - أنه قال: النزاع في المقام إنما هو في تداخل المسببات، والنكتة في تعبيرهم عنه بتداخل الأسباب التنبيه على مبنى المسألة. انتهى.
أقول: ما ذكره - قدس سره - إنما يتم لو كان عدم تداخل المسببات على تقدير عدم [تداخل] () الأسباب متفقا عليه بينهم، وليس كذلك، لما قد أشرنا إليه وستعرف تفصيلا - إن شاء الله - من أن القائلين بتداخل المسببات قد يدعونه بمنع اقتضاء تعددها لتعدد الامتثال مع تسليم اقتضاء تعدد الأسباب