تداخل لها ولو بنوع من التوسع في لفظ تداخل، وإما تداخل مسبباتها بأن يكون قضاء تلك الأسباب بتعدد التكاليف مفروغا عنه، ويكون النزاع في أن تلك التكاليف المتعددة المسببة عنها هل يحصل امتثالها بإيجاد واحد من الطبيعة المتعلقة لها أو لا؟ فيكون المراد بالأسباب المسببات عنها توسعا، مع احتمال إضمار لفظ المسببات - أيضا - فلا يكون لفظ الأسباب مستعملا في المسببات، أو ما يعم الوجهين المذكورين بأن يكون المقصود أن تعدد الأسباب الشرعية هل يقتضي بتعدد مسبباتها في الخارج - بمعنى اقتضاء كل منها وجودا من الطبيعة المفروضة لمسبباتها مغايرا لما يقتضيه الآخر من وجود تلك الطبيعية - أو لا؟ فيعم ذلك الوجهين المتقدمين، إذ القائل بالتداخل بهذا المعنى قد يقول به حينئذ لعدم اقتضاء نفس الأسباب المتعددة تعدد المسببات، وقد يقول به لعدم اقتضاء تعدد المسببات تعددها في الخارج.
نعم المانع منه لا بد له من دعوى الاقتضاء في المقامين والدليل عليه في كليهما، وعلى هذا ليس لفظ الأسباب مستعملا في المسببات، ولا يلزم إضمار لفظ المسببات - أيضا - فإنه مبني على حمل التداخل على عدم اقتضاء تعدد المسببات في الخارج من غير حاجة إلى تصرف في لفظ آخر أصلا.
والذي يقتضيه ويشهد له أدلة الطرفين: أن المراد في موضع الخلاف في المسألة إنما هو الاحتمال الأخير لا غير، فإن القائلين بالتداخل قد يدعونه بمنع اقتضاء الأسباب الشرعية المتعددة لتعدد التكاليف، وقد يدعونه بمنع اقتضاء تعدد التكاليف الواجب في الخارج - كما سيأتي تفصيله إن شاء الله -، [و] هذا أقوى شاهد على أن المراد بالتداخل المتنازع فيه إنما هو هذا الاحتمال - لا شيء من سابقه - بالتخصيص ()، وإلا لاقتصر أولئك على منع الاقتضاء في أحد