والحاصل: أن الإنصاف أن المتبادر من النكرة المنفية هو المتبادر من سائر ألفاظ العموم من دون فرق أصلا، والمراد منها عرفا هو المراد من غيرها وهي الأفراد على وجه الاستغراق، ثم الظاهر منها هي السورية (1) كسائر أدوات العموم، فإنها بمنزلة (لا) التي لنفي الجنس مع مدخولها لعدم الفرق عرفا بين قولنا: لا شيء من الإنسان بحجر - مثلا - وقولنا: ليس أحد من الإنسان بحجر.
فمن هنا يتجه دعوى أن مفهوم قوله عليه السلام: «إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء» () هو عموم السلب خاصة.
ثم إنه لا بأس بالتعرض على نحو الإجمال للحديث () المذكور وتوضيح ما هو الظاهر منه.
فاعلم: أن المراد بالشيء الظاهر أنه هو المقتضي للتنجيس، لا كل شيء، إذ لا معنى لتعليق عدم تنجس () الماء بملاقاة ما لا يقتضي التنجيس على بلوغه حد الكر، فإن عدم تنجسه بملاقاته - حينئذ - غير متوقف على بلوغه حد الكر، بل هو حاصل في نفسه من غير توقف على سبب من الأسباب، لكفاية عدم كون ذلك الشيء مقتضيا للتنجيس في بقاء طهارته وعدم تنجسه به.