أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة؛ فإنهم جماع من الكرم، وشعب من العرف، يهدون إلى حسن الظن بالله، والإيمان بقدره.
ثم تفقد أمورهم بما يتفقد الوالد من ولده، ولا يتفاقمن (1) في نفسك شيء قويتهم به. ولا تحقرن لطفا تعاهدتهم به وإن قل؛ فإنه داعية لهم إلى بذل النصيحة وحسن الظن بك. فلا تدع تفقد لطيف أمورهم اتكالا على جسيمها؛ فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به، وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه.
وليكن آثر رؤوس جنودك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم في بذله ممن يسعهم ويسع من وراءهم من الخلوف (2) من أهلهم، حتى يكون همهم هما واحدا في جهاد العدو.
" ثم واتر إعلامهم ذات نفسك في إيثارهم والتكرمة لهم، والإرصاد بالتوسعة.
وحقق ذلك بحسن الفعال والأثر والعطف "؛ فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك.
وإن أفضل قرة العيون للولاة استفاضة العدل في البلاد، وظهور مودة الرعية؛ لأنه لا تظهر مودتهم إلا بسلامة صدورهم، ولا تصح نصيحتهم إلا بحوطتهم على ولاة أمورهم، وقلة استثقال دولتهم، وترك استبطاء انقطاع مدتهم.
" ثم لا تكلن جنودك إلى مغنم وزعته بينهم، بل أحدث لهم مع كل مغنم بدلا مما سواه مما أفاء الله عليهم، تستنصر بهم به، ويكون داعية لهم إلى العودة لنصر الله ولدينه. واخصص أهل النجدة في أملهم إلى منتهى غاية آمالك من النصيحة بالبذل "، وحسن الثناء عليهم، ولطيف التعهد لهم رجلا رجلا وما أبلى