والآخرة.
وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها للرعية؛ فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة. وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء، وأقل له معونة في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف (1)، وأقل شكرا عند الإعطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا عند ملمات الأمور، من الخاصة، وإنما عمود الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء أهل العامة من الأمة، فليكن لهم صغوك، واعمد لأعم الأمور منفعة وخيرها عاقبة، ولا قوة إلا بالله.
وليكن أبعد رعيتك منك وأشنأهم عندك أطلبهم لعيوب الناس؛ فإن في الناس عيوبا الوالي أحق من سترها، فلا تكشفن ما غاب عنك، واستر العورة ما استطعت؛ يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك.
وأطلق عن الناس عقد كل حقد، واقطع عنك سبب كل وتر، " واقبل العذر.
وادرأ الحدود بالشبهات ".
وتغاب عن كل ما لا يضح (2) لك، ولا تعجلن إلى تصديق ساع؛ فإن الساعي غاش وإن تشبه بالناصحين.
لا تدخلن في مشورتك بخيلا يخذلك عن الفضل، ويعدك الفقر، ولا جبانا يضعف عليك الأمور، ولا حريصا يزين لك الشره بالجور؛ فإن البخل والجور (3)