والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله، كمونها في الأشرار.
أيقن أن شر وزرائك من كان للأشرار وزيرا، ومن شركهم في الآثام وقام بأمورهم في عباد الله؛ فلا يكونن لك بطانة (1)، " تشركهم في أمانتك كما شركوا في سلطان غيرك فأردوهم وأوردوهم مصارع السوء.
ولا يعجبنك شاهد ما يحضرونك به "؛ فإنهم أعوان الأثمة، وإخوان الظلمة، وعباب كل طمع ودغل (2)، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل أدبهم ونفاذهم ممن قد تصفح الأمور، فعرف مساويها بما جرى عليه منها، فأولئك أخف عليك مؤونة، وأحسن لك معونة، وأحنى عليك عطفا، وأقل لغيرك إلفا، لم يعاون ظالما على ظلمه، ولا آثما على إثمه، " ولم يكن مع غيرك له سيرة أجحفت بالمسلمين والمعاهدين "؛ فاتخذ أولئك خاصة لخلوتك وملائك.
ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق، " وأحوطهم على الضعفاء بالإنصاف، وأقلهم لك مناظرة فيما يكون منك مما كره الله لأوليائه واقعا ذلك من هواك حيث وقع؛ فإنهم يقفونك على الحق، ويبصرونك ما يعود عليك نفعه ". والصق بأهل الورع والصدق وذوي العقول والأحساب، ثم رضهم على ألا يطروك، ولا يبجحوك بباطل لم تفعله؛ فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو، وتدني من الغرة، " والإقرار بذلك يوجب المقت من الله ".
لا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء؛ فإن ذلك تزهيد لأهل الإحسان، في الإحسان، وتدريب لأهل الإساءة على الإساءة، فألزم كلا منهم ما