الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) (١)، وقال: ﴿ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا﴾ (2) " فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه، والرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المتفرقة، " ونحن أهل رسول الله الذين نستنبط المحكم من كتابه، ونميز المتشابه منه، ونعرف الناسخ مما نسخ الله ووضع إصره.
فسر في عدوك بمثل ما شاهدت منا في مثلهم من الأعداء، وواتر إلينا الكتب بالأخبار بكل حدث يأتك منا، أمر عام، والله المستعان.
ثم انظر في أمر الأحكام بين الناس بنية صالحة؛ فإن الحكم في إنصاف المظلوم من الظالم والأخذ للضعيف من القوي وإقامة حدود الله على سنتها ومنهاجها مما يصلح عباد الله وبلاده ". فاختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، " وأنفسهم للعلم والحلم والورع والسخاء "، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه (3) الخصوم، ولا يتمادى في إثبات الزلة، ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصوم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراق، ولا يصغى (4) للتبليغ؛ فول قضاءك من كان كذلك، وهم قليل.