ألزم نفسه؛ أدبا منك ينفعك الله به، وتنفع به أعوانك.
ثم اعلم أنه ليس شيء بأدعى لحسن ظن وال برعيته من إحسانه إليهم، وتخفيفه المؤونات عليهم، وقلة استكراهه إياهم على ما ليس له قبلهم، فليكن في ذلك أمر يجتمع لك به حسن ظنك برعيتك؛ فإن حسن الظن يقطع عنك نصبا طويلا، وإن أحق من حسن ظنك به لمن حسن بلاؤك عنده، وأحق من ساء ظنك به لمن ساء بلاؤك عنده، " فاعرف هذه المنزلة لك وعليك لتزدك بصيرة في حسن الصنع، واستكثار حسن البلاء عند العامة، مع ما يوجب الله بها لك في المعاد ".
ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، واجتمعت بها الألفة، وصلحت عليها الرعية. ولا تحدثن سنة تضر بشيء مما مضى من تلك السنن؛ فيكون الأجر لمن سنها، والوزر عليك بما نقضت منها.
وأكثر مدارسة العلماء، ومثافنة (1) الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أهل بلادك، وإقامة ما استقام به الناس من قبلك؛ " فإن ذلك يحق الحق، ويدفع الباطل، ويكتفى به دليلا ومثالا لأن السنن الصالحة هي السبيل إلى طاعة الله ".
ثم اعلم أن الرعية طبقات، لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض؛ فمنها جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة (2) السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة، وكلا قد سمى الله سهمه، ووضع على حد فريضته في كتابه أو سنة