بعقوبة، ولا تسرعن إلى بادرة (1) وجدت عنها مندوحة (2)، ولا تقولن: إني مؤمر؛ آمر فأطاع؛ فإن ذلك إدغال (3) في القلب، ومنهكة (4) للدين، وتقرب من الفتن، فتعوذ بالله من درك الشقاء.
وإذا أعجبك ما أنت فيه من سلطانك فحدثت لك به أبهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك؛ فإن ذلك يطامن (5) إليك من طماحك (6)، ويكف عنك من غربك (7)، ويفئ إليك ما عزب (8) من عقلك.
وإياك ومساماته في عظمته، أو التشبه به في جبروته؛ فإن الله يذل كل جبار، ويهين كل مختال فخور.
أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك ومن خاصتك ومن أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك؛ فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان لله حربا حتى ينزع ويتوب.
وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة من إقامة على ظلم؛ فإن الله يسمع دعوة المظلومين، وهو للظالمين بمرصاد، ومن يكن كذلك فهو رهين هلاك في الدنيا