العامة أثرا وأعرفهم فيها بالنبل والأمانة، فإن ذلك دليل على نصيحتك لله ولمن وليت أمره. " ثم مرهم بحسن الولاية، ولين الكلمة ". واجعل لرأس كل أمر من أمورك رأسا منهم، لا يقهره كبيرها، ولا يتشتت عليه كثيرها.
" ثم تفقد ما غاب عنك من حالاتهم، وأمور من يرد عليك رسله، وذوي الحاجة وكيف ولايتهم وقبولهم وليهم وحجتهم؛ فإن التبرم والعز والنخوة من كثير من الكتاب إلا من عصم الله، وليس للناس بد من طلب حاجاتهم ".
ومهما كان في كتابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته، أو فضل نسب إليك، مع مالك عند الله في ذلك من حسن الثواب.
ثم التجار وذوي الصناعات فاستوص وأوص بهم خيرا؛ المقيم منهم، والمضطرب (1) بماله، والمترفق بيده؛ فإنهم مواد للمنافع، وجلابها في البلاد في برك وبحرك وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها ولا يجترئون عليها " من بلاد أعدائك من أهل الصناعات التي أجرى الله الرفق منها على أيديهم فاحفظ حرمتهم، وآمن سبلهم، وخذ لهم بحقوقهم "؛ فإنهم سلم لا تخاف بائقته، وصلح لا تحذر غائلته، " أحب الأمور إليهم أجمعها للأمن وأجمعها للسلطان "، فتفقد أمورهم بحضرتك، وفي حواشي بلادك.
واعلم مع ذلك أن في كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكما في البياعات، وذلك باب مضرة للعامة، وعيب على الولاة؛ فامنع الاحتكار فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عنه.
وليكن البيع والشراء بيعا سمحا، بموازين عدل، وأسعار لا تجحف بالفريقين