قال نوف: وعقد للحسين (عليه السلام) في عشرة آلاف، ولقيس بن سعد في عشرة آلاف، ولأبي أيوب الأنصاري في عشرة آلاف، ولغيرهم على أعداد أخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين، فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم - لعنه الله - فتراجعت العساكر، فكنا كأغنام فقدت راعيها، تختطفها الذئاب من كل مكان! (1) هكذا يظهر أن ما كان يند عن الإمام من صيحات متوجعة، وما كان يبث به أصحابه من شكاوى مكررة، لم يكن عن ضعف قيادي، كما لم يكن إظهارا لعجز عن إدارة المجتمع في مثل ذلك الفضاء الذي كان يعمه، وتلك الخصائص التي كانت تفشو فيه. إنما رام الإمام أن يستفيد من هذه اللغة في حث الناس وتعبئتها للحركة والجهاد بدلا من استخدام منطق القوة والسيف.
إن تعبئة الإمام لتلك القوات الكثيفة في ظل الأوضاع التي مرت الإشارة إليها ولما يبق على استشهاده إلا أقل من أسبوع، ينبئ من جهة عن الكفاءة الاستثنائية الممتازة التي يحظى بها في تعبئة جماهير الناس، ويكشف من جهة أخرى عن نجاح النهج العلوي في إدارة الاجتماع السياسي.