إذا فمعارضتهم لعثمان لم تكن نابعة من حرصهم على المصلحة العامة، ولا من باب الغيرة الدينية واستشعار الوظيفة الشرعية. ومعنى هذا أنهم كانوا يتطلعون إلى الجاه والرئاسة.
نشير على سبيل المثال إلى أن طلحة كان واحدا منهم، وقد كتب إلى أهل الكوفة بالقدوم إلى المدينة من أجل وضع حد لتصرفات عثمان، ويبدو أنه لم يكن يتوقع بعد مقتل عثمان سوى تسلم منصب الخلافة. وكان بعض أنصاره على مثل ظنه. فبعدما انتهى سودان بن حمران من قتل عثمان، خرج من الدار ونادى:
" أين طلحة بن عبيد الله؟ لقد قتلنا ابن عفان " (1).
وفي معركة الجمل رماه مروان بسهم من خلفه وقتله؛ لأنه كان يعتبره هو قاتل عثمان.
وهكذا الحال بالنسبة لعائشة أيضا؛ فقد كانت تأمل أن تكون الغلبة لأقاربها؛ فكانت تقول: " اقتلوا نعثلا؛ فقد كفر! "، ولكن بعدما انقلبت الأمور، وآلت إلى مآل آخر، غيرت موقفها. وهذا ينم عن أنها كانت ترمي إلى شيء آخر غير الحق؛ فعندما أخذوا يسألونها في وقعة الجمل عن السبب الذي جعلها تحرضهم قبل ذاك على قتل عثمان، ثم أصبحت تطلب بثأره، قالت: " قد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول " (2).
ومن هؤلاء الانتهازيين أيضا عمرو بن العاص الذي فقد منصبه في عهد