عند علي وحسب لا عند سواه (1). لقد طلب النبي علي بن أبي طالب في اللحظات الأخيرة من حياته، وراح يسر له بينابيع المعرفة، فقال علي بعد ذلك واصفا الحصيلة التي طلع بها من إسرار النبي له: " حدثني ألف باب، يفتح كل باب ألف باب ". وهذه هي الحقيقة، يدل عليها قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا دار الحكمة، وعلي بابها ".
ثم هل انشقت الحياة الإنسانية عن إنسان غير علي يقول: " سلوني قبل أن تفقدوني "؟ وهل عرفت صفحات التاريخ من ينطق بهذا سوى أمير المؤمنين؟
لقد أجمع الصحابة على أعلمية علي بن أبي طالب، وتركوا للتاريخ شهادة قاطعة تقول: أفضلنا علي. ولم لا يكون كذلك والإمام أمير المؤمنين نفسه يقول: " والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت، وأين نزلت، وعلى من نزلت؛ إن ربي وهب لي قلبا عقولا، ولسانا ناطقا ".
وما أسمى كلمات الإمام الحسن (عليه السلام) وما أجل كلامه وهو يقول بعد شهادة أمير المؤمنين: " لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون ".
إن هذا وغيره - وهو كثير قد جاء في مواضع متعددة - ليشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قصد من وراء التركيز على هذه النقطة - التي أقر بها الصحابة تبعا للنبي - أن يعلن عمليا عن المرجع الفكري للأمة مستقبلا، ويحدد للأمة بوضوح الينبوع الثر الذي ينبغي أن تستمد منه علوم الدين (2).