أقل تقدير، إنما يكمن في مفهومها الرفيع، وما تنطوي عليه من دلالة قاطعة على طهارة الإمام أمير المؤمنين وعصمته، ومن ثم عصمة أهل البيت بالضرورة. ولم تكن هذه الآية وحدها في الميدان، فبالإضافة إلى آية التطهير والجهود النبوية الحثيثة التي بذلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إبلاغها وتطبيقها على أهل البيت (عليهم السلام)، توالت إلى جوارها روايات كثيرة نعت فيها النبي علي بن أبي طالب بالصدق والطهارة والنقاء والتزام الحق واستقامة السلوك وطهر الفطرة، ثم توج ذلك كله بالإعلان أن عليا هو عدل القرآن، ومعيار الحق، والميزان الذي يفرق بين الحق والباطل، وبين الضلالة والصواب، وهو فصل الخطاب. وفي ذلك دلالة قاطعة على أن من ينبغي أن يكون الأسوة والإمام، والقائد والمنار، والزعيم والمولى هو علي بن أبي طالب لا غير.
ثم انظروا وتأملوا في قوله (صلى الله عليه وآله): " علي مع القرآن، والقرآن مع علي "، " علي مع الحق، والحق مع علي "، " علي على الحق؛ من اتبعه اتبع الحق، ومن تركه ترك الحق "، " علي مع الحق والقرآن، والحق والقرآن مع علي ".
ماذا يعني هذا؟ يعني أن عليا ثابت لا يزيغ، صلب لا تتعثر به خطاه، يقف في أعلى ذرى الاستقامة والصلاح، لا يعرف غير الحق والصواب. إن عليا ليحمل على جبهته الوضيئة عنوانا رفيعا اسمه " العصمة "، ومن ثم ستكون الأمة في أمان من نفسها، وسلامة من دينها وهي تهتدي بهدي علي، وتقتدي به أسوة ومنارا.
لقد توفر هذا الفصل على بيان هذه الإشارات تفصيلا من خلال النصوص الكثيرة التي رصدها (1).