الجهود النبوية لتشييد قواعد الإمامة العلوية، وتثبيت إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وطبيعة النهج الذي اعتمده رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعرض هذه الحقيقة؛ فقد استند متكلمو الشيعة ومفسروهم منذ القدم إلى " آية التطهير " من بين ما استندوا إليه في إثبات عصمة " الأئمة " وطهارة " أهل البيت "، وهو استدلال متين كشف عن قوته وإحكامه في الدراسات المختصة بذلك. بيد أن ما يعنينا أمره في هذا المجال، وله صلة وثيقة، بل ضرورية ببحثنا، هو معرفة طبيعة عرض هذه المسألة، والكيفية التي استند إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيانها، وهنا بالذات تكمن الملاحظة التي أحببنا المكوث عندها قليلا.
لقد مضت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) - بعد أن تلا آية التطهير على المسلمين - أيام وأشهر طويلة وهو يقف إلى جوار بيت علي، وينادي إذا حضر وقت الصلاة:
" الصلاة يا أهل البيت " (1). على هذا ليس هناك شك في أن " أصحاب الكساء " هم مصداق " أهل البيت "، وأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو سيد أهل البيت وذروة السنام فيه. إنما الذي يحظى بأهمية أكبر بنظرنا هو ما كان يفعله الرسول في ثنايا تركيزه على الإعداد لقيادة المستقبل، وكجزء من برنامجه لإعلان الإمامة التي تخلفه، إلى جوار تأكيده على التصريح بطهارة أهل البيت وعصمتهم، وحتى بعد إعلان هذه الفضيلة راح يكرر على الدوام قوله (صلى الله عليه وآله): " أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم " (2)، فماذا يعني هذا التكرار، وما هو مغزاه؟
يبدو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كشف للأمة - من خلال تفسيره النافذ البصير لقوله سبحانه: (وما جعلنا ألرءيا التى أرينك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في