تجلي الولاية في القرآن لم يقتصر وصف " الولي " و " الولاية " لعلي في الحديث النبوي وحده، بل امتد إلى آي القرآن الكريم، كما دللت على ذلك روايات كثيرة، ومن بين هذه الآيات قوله سبحانه: ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون﴾ (١) إذ ليس ثم شك في شأن نزول هذه الآية وانطباقها على الإمام علي (عليه السلام) في إطار الواقعة المعروفة؛ حيث دخل سائل المسجد، فأومأ إليه الإمام بإصبعه، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وانصرف.
لقد وثق هذه الواقعة عدد كبير من المحدثين والمفسرين، وذكروا صراحة أن الآية نزلت بشأن علي (عليه السلام) (٢). لكن يبدو أن بعض المفسرين لم يرق لهم أن يسفر الحق ويرمي بضيائه على الأفق، فلاذوا بشبه راحوا يثيرونها، وجنحوا إلى تسويفات واهية علهم يقلبوا الحقيقة، ويكفئوا الحق على وجهه؛ فقالوا - مثلا -: إن (الذين) جمع، فكيف ينطبق على علي (عليه السلام) وهو واحد!
لقد نسوا - وربما تناسوا - أن هذا مألوف، واستعماله شائع في الأدب العربي، كما كثر في القرآن؛ إذ يجيء الخطاب للجماعة مع أن المراد واحد بهدف التكريم أو أي باعث آخر، كمثل قوله سبحانه: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهدا في سبيلي وأبتغآء مرضاتى تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سوآء السبيل﴾ (3)؛ فلا جدال أن الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة