فأحاطهم علما بأنه يقتل ومن معه أيضا، وأن حريمه تسبى بعد قتله، إذ لعل بعضهم يكره هذا، خصوصا من جاء بنسائه فيكون على علم بهذا الامر. كما أنه (عليه السلام) عد إخفاء هذا الامر عليهم خدعة ومكرا وأن ذلك محرم عندهم لا يجوز بحال من الأحوال، إذ كانوا (عليهم السلام) أبعد الناس عن مثل هذه الأمور التي لا يقرونها لاحد مهما كلف الامر.
وقد حذروا من هذا الامر وذموا من يتصف به، فقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه قال: ليس منا من ماكر مسلما.
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان كثيرا ما يتنفس الصعداء ويقول:
وا ويلاه يمكرون بي ويعلمون أني بمكرهم عالم وأعرف منهم بوجوه المكر، ولكني أعلم أن المكر والخديعة في النار، فأصبر على مكرهم ولا أرتكب مثل ما ارتكبوا (1).
وهذا أيضا مما تميز به منهجهم - صلوات الله عليهم - الذي حوى كل صفات الأخلاق الرفيعة والمثل العليا.
ولذا وقف سيد الشهداء (عليه السلام) في هذه الليلة العظيمة مشفقا على أصحابه، ليطلعهم على ما خفي عليهم ما داموا قد وطنوا أنفسهم معه على ذلك الامر الخطير، فهو لا يريد ناصرا قد منعه الحياء عن نصرته، ما لم يكن عن علمه وبقناعته الشخصية في ذلك..
وهذا من أعظم الدروس الأخلاقية والتربوية المستفادة من ليلة الطف العظيمة،