وكما لا يخفى أن هذه الخصلة الشريفة من خصال أهل بيت العصمة (عليهم السلام)، والتي ظهرت بشكل واضح على أفعالهم وأقوالهم، فهم الصديقون حقا، كما عناهم القرآن الكريم بذلك في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (1) فهم الصادقون الذين أمر القرآن الكريم باتباعهم والسير على منهجهم الشريف، وقد استأثرت هذه الخصلة الشريفة بعناية بالغة عندهم (عليهم السلام) مؤكدين عليها، وملتزمين بها في حياتهم، وفي تعاملهم مع سائر الناس، بعيدا عن المداهنة والخداع والتضليل، حتى في وقت الشدائد ووقوع المكاره، فقد اتسم طريقهم بالصدق والصراحة في جميع فترات حياتهم، وإن أدى ذلك إلى تفرق الناس عنهم، ما داموا على الحق والذي لا يعدلون به إلى غيره.
إذ ليسوا كغيرهم - صلوات الله عليهم - من أولئك الذين يصلون إلى غاياتهم، بكل وسيلة ما دام ذلك يعزر موقفهم والتفاف الناس حولهم، ويحقق لهم الفوز والغلبة على مناوئيهم ولو بالمداهنة والخداع والتضليل.
إلا أن أهل البيت (عليهم السلام) المتميزين عن غيرهم بما خصهم الله تعالى ومنحهم به، لا يتوصلون للحق إلا من طريق الحق، فهذا أمير المؤمنين (عليه السلام) لما أشار عليه المغيرة بن شعبة أن يبقي معاوية بن أبي سفيان أميرا على الشام ولا يعزله كيما يستتب له الامر، ثم بعد ذلك يعزله.
قال له (عليه السلام): أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه؟ قال:
لا،