التي ينبغي الوقوف عليها والاستفادة منها.
وهنا لا ننسى أيضا ظهور هذا الجانب الأخلاقي العظيم في سلوك أنصار الحسين (عليه السلام) إذ ظهر الصدق على أقوالهم وأفعالهم، حينما عاهدوه على الشهادة معه والدفاع عنه، فكانت نياتهم في ذلك صادقة لا يشوبها أي تردد أو ميل، فكانوا عازمين بالفعل على نصرته والذب عنه، وخير شاهد على ذلك هو وفاؤهم بما ألزموا به أنفسهم، وتسابقهم إلى الشهادة بين يديه، فلم تنحل عزيمتهم وهم في أوج المحنة وشدتها - في ظهر عاشوراء - مع شدة العطش وحرارة الشمس، وجراحات السنان، وطعنات الرماح، إذ أن النفس ساعتها ربما سخت بالعزم وتناست الوعد، وتعلقت بحب البقاء، وحينها يتلاشى ما التزم به من وعود وعهود.
إلا أنهم - رضوان الله عليهم - ثبتوا أمام الأعداء بلا تراجع أو تردد وقاتلوا بجدارة فائقة منقطعة النظير، ووفوا بما التزموا به، فوافقت ظواهرهم بواطنهم، وبهذا وصلوا إلى أعلى مراتب الاخلاص في صدقهم، كما أن الوفاء بالعهد أفضل أنواع الصدق القولي فكانوا بحق مصداقا لقوله تعالى: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (1).
والجدير بالذكر أن الحسين (عليه السلام) كان يردد هذه الآية الشريفة حين مقتل أصحابه (2) - رضوان الله عليهم -، الامر الذي يدل على وفائهم وصدق موقفهم النبيل.