القسم الثاني: ظاهرة الاستحضار الحسي بعد أن يتم الاتصال بين الشاعر - في لحظته الزمنية الهشة.. وبين الواقعة التي تكرست كموقف وجودي للانسان النوعي في لحظتها الزمنية الخارجة على التسلسل الطبيعي لسيرورة الزمن - يقرر الشاعر أن يشتغل على استحضار الهيئة الحسية أو الشعورية للواقعة، فيكون هناك مفترق طرق في أساليب التناول والمعالجة.
ولأن الواقعة أرسلت تفاصيلها رسالة إليه (عبر نظام اتصال مادي - كتب المقاتل والسير والتأريخ عادة - ضمن سياق تاريخي حاضر يؤطرها ويحميها ويؤمن توصيلها كمعنى حيوي وطازج، إضافة إلى وجود شفرة شفافة موجهة ومحفزة لانتباه المتلقي للرسالة) عبر طريق اتصال كتابي، فسيكون الاشتغال على الوثيقة المكتوبة الناقلة للواقعة كظاهرة لغوية فإما أن يطابقها باستنساخ فوري على ورقة أخرى - إن صح التعبير - أو أن لا يفعل ذلك، ولغرض فحض هذه الفرضية سنتعرض - على مستوى الامتداد التطبيقي للفرضية - إلى محطتين أو موقفين من مواقف ليلة عاشوراء الحافلة بالمواقف لنلاحظ كيف عالج الشعراء هذين الموقفين في شعرهم: