د - الاستبشار بالشهادة ليس من المعتاد أن يفرح الانسان ويبتهج وهو يعلم بدنو أجله وانقطاع حبل حياته من الدنيا، فتراه إذا ما علم بدنو أجله، اعتراه الخوف والوجل والاضطراب، ولربما مات بسبب خوفه من الموت، إذ أن كل إنسان يحب الحياة والبقاء ويتشاءم من الموت.
ولعلك تعجب إذا ما سمعت بأن أصحاب هذه الليلة باتوا ليلتهم وهم أشد الناس فرحا، وأبهجهم حالة، وأربطهم جأشا، مستبشرين بما أقدموا عليه وبما يصرون إليه وقد أخذ يداعب بعضهم بعضا، مع علمهم بدنو آجالهم، وأن أجسادهم سوف تصبح عن قريب طعمة للسيوف ونهبة للأسنة. ومرمى للسهام.
ولعله لم تمر عليهم ليلة بأسعد منها، حتى بدت على وجوههم الطلاقة والاشراق والطمأنينة لا يستشعرون بخوف ولا وجل، وذلك أنهم وجدوا أنفسهم يؤدون وظائفهم الشرعية تجاه سبط الرسول (صلى الله عليه وآله)، إذ سوف يحوزون على أعظم وأقدس شهادة عرفها تاريخ البشرية، ثم ذلك النعيم الدائم الذي لا اضمحلال فيه، فأصبحوا مصداقا لقوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون) (1).
_