والاغراء والخداع، مؤمنا أن ذلك لا يمكن أن تتصف به النفوس العظيمة المؤمنة بربها والمؤمنة بعدالة قضيتها) (1).
ويتضح هذا الامر جليا في هذه الليلة التي خلدها التاريخ، وذلك من خلال موقفه (عليه السلام) في ساعات هذه الليلة الأليمة مع أهل بيته وأصحابه، وذلك حينما أوقف أصحابه على الامر الواقع ولم يخف عليهم ليكونوا على بينة من أمرهم ومستقبلهم، فوقف قائلا لهم: إني غدا أقتل وكلكم تقتلون معي ولا يبقى منكم أحد (2) حتى القاسم وعبد الله الرضيع (3).
مؤكدا عليهم أن كل من يبق معه منهم سوف يستشهد بين يديه، فهو (عليه السلام) لا يريد أن يتركهم في غفلة من أمرهم، ولئلا يتوهم أحد منهم بأنه ربما يهادن القوم فيما بعد، أو يقبل بخيار آخر غير القتال، ولكنه (عليه السلام) بين لهم أنه يقتل وهم أيضا يقتلون إذا ما بقوا معه! وبهذا يكون (عليه السلام) قد أوقفهم على حقيقة الامر.
وقد أكد هذا الامر مرة أخرى فيما قال لهم، مشفقا عليهم قائلا لهم أنتم جئتم معي لعلمكم بأني أذهب إلى جماعة بايعوني قلبا ولسانا، والآن تجدونهم قد استحوذ عليهم الشيطان ونسوا الله، والآن لم يكن لهم مقصد سوى قتلي، وقتل من يجاهد بين يدي، وسبي حريمي بعد سلبهم، وأخاف أن لا تعلموا ذلك، أو تعلموا ولا تتفرقوا للحياء مني، ويحرم المكر والخدعة عندنا أهل البيت (4).